Skip to main content

كهنوت الكنيسة

الصفحة 1 من 2

"كونوا أنتم مبنيين كحجارة حية بيتا روحيا كهنوتا مقدسا لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح "( 1بط2: 5) " و أما انتم فجنس مختار كهنوت ملوكي" (1بط2: 9).

تعني كلمة كاهن الشخص الذي يعمل في قلب النشاط الروحي مشتركا في المهام أو الصلوات للتوسط بين الله والإنسان. منذ أقدم العصور كان عمل الكهنوت واضحا دائما، سواء في العبادة الحقيقية أو الزائفة. في عصر الأباء في العهد القديم- كان رب الأسرة ، إبراهيم مثلا، يقوم ببناء مذبح وتقديم التقدمات لله بأسلوب كهنوتي. عمل ملكي صادق ملك ساليم ( اسم أورشليم القديم) ككاهن الله العلي الذي قدم له إبراهيم العشور ( تك 14: 11-20). صار رمزا لربنا يسوع المسيح رئيس كهنة الله ( عب7: 11-21). الكهنوت عمل مقدس عظيم في نظر الله إذا كان بحسب قصده.

دعوة الكهنة

تأتي كلمة كاهن في الكتاب المقدس من الكلمة العبرية- كوهين- والتي ترتبط أيضا بالكلمة العربية "يكهن". والمقصود بهذا الأمر هو الاقتراب إلي الله كما نري في خر 19: 22، 28: 43، 30: 19-20. ومنذ أدم كان من الضروري أن يتقدم الإنسان الخاطئ إلي الله علي أساس الذبائح الدموية. قدم أيوب –وهو المعاصر لإبراهيم – ذبائح لله من أجل أسرته( أي 1: 5) عندما أتى الله بأمة إسرائيل إلي الوجود، كانت رغبته لها أن تكون مملكة كهنة وأمة مقدسة( خر 19: 6). بسبب خطيتهم وإخفاقهم في تحقيق مقاصده سمح الله لهم أن يقوم سبط واحد بالكهنوت النيابي ( سبط لاوي) الذي اختير ليخدم من أجل الأسباط الأخرى. ومن هذا السبط المنتخب اختبر بنو هرون وحدهم ليكون من بينهم رئيس الكهنة الذي يدخل إلي قدس الأقداس، اقدس مكان في الهيكل. حتى هذا العمل كان محدودا مرة واحدة في السنة حتى مجىء ربنا يسوع المسيح اعظم ذبيحة دموية

(عب9: 6-14) يستطيع جميع القديسين الآن الدخول إلي الأقداس، نفس محضر الله بعمل دم المسيح (عب 10: 19- 22) ولم يعد الكهنوت دورا قاصرا علي فئة قليلة متميزة بل لجميع الذين تطهروا بعمل ربنا يسوع المسيح الكفاري.

وجميع المؤمنين الآن مقدسون، كهنوت ملوكي( 1بط 2: 5-9). يسمي هذا كهنوت جميع المؤمنين. والرب يسوع المسيح وحده هو رئيس الكهنة الأعظم ( عب6: 19-20 ) والمؤمنون مملكة كهنة يخدمون الله برئاسته (رؤ1: 6). عرفت الكنيسة الأولي هذا الحق العظيم جيدا لكنه

لم يكن واضحا عبر القرون حتى صار غير معروف. ما سبب هذا؟ السبب هو نقص المعرفة الكتابية مما جعل المؤمنين في جهل به. وقيام نظام رجال الدين في الكنيسة الذين يقومون وحدهم بتعيين "كهنة" يخلفونهم.مارسوا ما عرف بالأسرار- توزيع عناصر العشاء الربانى- وقفوا وراء الأسوار أمام المذبح يرفعون أياديهم ليباركوا الشعب نيابة عن الله.أطلق على المؤمنين العاديين لقب العلمانيين أى عامة الشعب وانخفض دورهم إلى متفرجين في مشاركة ثانوية. لم يدركوا حقيقة أنهم ضمن مملكة الكهنة وأن لهم الامتيازات المتساوية في نظر الله, وأن الذين يرتدون زى الكهنوت هم كهنة من عمل الناس وليس لهم سلطان من قبل الله.

إن التمييز بين رجال الدين والعلمانيين في المسيحية خطأ كبير، وهو مبني على تمييز العهد القديم بين الكهنة وباقي بني إسرائيل.إنه نظام العهد القديم في زى مسيحي. يجدر بنا أن نقدم بعض الفروق بين التعليم الكتابي والممارسة الحديثة حتى نضعها في الاعتبار ونفهم المعني الكتابى للكهنوت.

1-الكهنة هم من تعيين الله وحده " لا يأخذ أحد هذه الوظيفة بنفسه بل المدعو من الله"

(عب 5: 4 ). وفي الحقيقة نصبح كهنة في نفس لحظة التجديد لأن كل المؤمنين مملكة كهنة.كان كهنوت العهد القديم مرتبطا بالمولد العائلى وبحسب رؤساء الأسباط (عد 3 : 3 ) كهنوت العهد الجديد يتم بالولادة الجديدة بحسب الخطة الإلهية. أما الكهنة الأرضيون الآخرون فهم من صنع الناس كما هو واضح من سفر القضاة ( 17 : 5- 6 ) ليس لأي إنسان أو مؤسسة دينية السلطان أن تعين شخصا ما كاهنا.

2-ليس للكهنة ملابس خاصة. كان للكهنة وتابعيهم في إسرائيل ملابس مقدسة لها أوصافها الخاصة (خر 28 : 2 ، 40 ) لكن الله أبطل هذا النظام بالكامل (عب 7 :12 ،18 –19 ) ليس لنا الآن هيكل ، مذبح ، طقوس كهنوتية ، أعياد ، كذلك ليس لنا ملابس كهنوتية. محاولة إحياء جزء من نظام العهد القديم ووضعه في زى مسيحي,هي إنكار للنظام الروحي الحاضر. الملابس الخاصة ، المذابح ، الشموع ، والبخور هي ظلال واهية لظل راحل. كان العهد القديم مجرد ظل، نموذج رمزي يشير إلى المسيح. لقد جاء الرب ولسنا في حاجة إلى ظلال.

3-ليس الكهنة الحاليون رسميين ، أي أنهم غير مزودين بالسلطة الرسمية لممارسة العشاء الربانى، لتقديس العناصر وتحويلها ، ممارسة المعمودية أو تقديم صلوات مرتبة أمام الجموع. وليس لهم أية قوة خاصة غير الممكنة لجميع المؤمنين.هذه الأفكار تتعارض مع كهنوت العهد الجديد. القوات الممنوحة لنا في الرب روحية وليست طقسية.

امتيازات الكهنة

يقوم الكاهن الحقيقي بدور من يمثل الإنسان أمام الله ويمثل الله أمام الإنسان. يدخل الكاهن إلى محضر الله بعد أن تطهر بدم المسيح لكي يصلى من أجل نفسه ومن أجل الآخرين.ويصلي من أجل الذين ليس لهم قبول عنده—غير المخلصين وغير المطهرين بدم المسيح.

ما هي امتيازاتنا ككهنة؟

1- لنا القبول لدي الله.

وبدون هذا القبول لن نصير كهنة..لنا ثقة أعظم مما كانت لكهنة العهد القديم، بها نستطيع كمؤمنين أن نتقدم بجرأة إلى الأقداس—الطريق الذي كرسه الرب لنا بالحجاب أي جسده ( عب 10 :19-20 ) انشق حجاب الهيكل فور موت المسيح على الصليب ( مر 15 :37-38 ) فسمح لنا بالدخول المباشر إلى الله في يقين كامل (عب 10 :22 ).

2- تقديم الذبائح لله

يجب أن يكون لدي الكاهن ما يقدمه لله (عب 8: 3) كانت تقدمات العهد القديم من الذبائح الحيوانية رمزا لذبيحة المسيح الدموية.وقد شملت هذه التقدمات أيضا باكورة المحاصيل—الكروم ، والأموال. في هذا شكر لله واعتراف بصلاحه وبركته كالمالك للكل.سددت ذبيحة المسيح الشاملة الكل. والواجب علينا :-

1- تقديم أجسادنا له يوميا كذبيحة حية( رو12 : 1-2)

2-تقديم الذبائح المادية( أف 4: 16-18، عب 13 :16) وبانتظام (1كو 16 :1-2 )

3-تقديم ذبيحة خدمتنا ( في 2 :14 )

4- الشهادة بالإنجيل التي تحمل الثمر الروحى في النفوس التى نربحها للمسيح ( رو15: 16 )

5- ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاهنا لله ( عب 13: 15 )

نقدم هذه الذبائح بإحساس عميق بمعناها لأنها ذبائح روحية وليست عطايا ثانوية( 1بط 2 :5 )

3- نقدم التوسلات لله

ومنذ البدء والبشر في حاجة إلي آخرين يرفعون الصلاة لأجلهم(أي42: 8-10). لقد تحير الله من انه ليس شفيع في وقت كانت فيه الحاجة ماسة والفرصة متاحة ( أش59:16). يقدم الرب يسوع التوسلات من أجلنا نحن شعبه –كل يوم- (عب7:25) نحتاج نحن بالأكثر جدا أن نتوسل لله من أجل جميع الناس (1تي2: 1-2). أعطانا الله هذا الامتياز المقدس لكي نرفع صلواتنا ككهنته. يشتم الله هذه الصلوات كالبخور المقدس ( رؤ8:3-4)

4- لنا الشبع من الله

لم يأخذ سبط لاوي ميراثا في الأرض (تث18: 1-2). لنا مكافآت عظمي نظير خدمتنا لله وهي فرح لا ينطق به. ثم مكافآت كنوز السماء (مت6: 20). بالإضافة إلي المكافآت التعويضية الواردة في ( لو18:28-30). لكن لا يمكن لأي أمور مادية أو أفراح أرضية أن تشبعنا. الله هو شبعنا الكامل.

ونحن نخدم الله ككهنته بطرق متنوعة: نقدم المشورة الكتابية (ملا 2: 7، عب5: 12) كنواب عن الله يجب أن نميز بين الطاهر والنجس (لا 10:10) يجب أن نحكم في مناطق الانشقاق الصعبة ( 1كو6: 3، حز44:24). وان نكون لطفاء مع الأشخاص الجهلة والذين ضلوا الطريق متحققين أن لنا ضعفاتنا الخاصة ( عب5: 1-2). هذه كلها ضمن عملنا ككهنة الله.

قداسة الكهنة

ليس المؤمن- ككاهن اليوم- اقل التزاما في حياة القداسة والسلوك عن كاهن العهد القديم. يجب علي الكهنة أن يتقدسوا ولا يلمسوا شئا دنسا ( أش 52: 11). هناك قوانين تمنع الكهنة الذين بهم عيوب من الخدمة (لا21: 16-23). كانت بعض العيوب مؤقتة وكان الكهنة يخدمون عندما تزول العيوب. كانت هناك عيوب مستديمة. وهناك قواعد كثيرة تتعلق بما هو ليس طاهرا (لا 21: 1-5، 22: 1-9). وكان يكتب علي عمامة الكاهن " قدس للرب" لتوضيح الإحساس القوي بحياة التكريس.

قاد هذا التأكيد-- علي قداسة الكهنة-- كثيرا منهم أن ينشغلوا بالأشكال الطقسية المدنسة. انتهر الرب العمل المظهري علي حساب النقاوة الداخلية (مت 23: 25-26). النجاسة الداخلية أمر خطير. يقود هذا الاتجاه إلي الرياء. يفصم الدنس حبل الشركة مع الله. وما لم يتطهر الكاهن سيقطع حبل الامتياز الكهنوتي (مز 66: 18). لا تنعكس القداسة الحقيقية من ملابس ، مبان، أيام أو أنشطة دينيةخاصة. القداسة هي قلب نقي، صلاح، محبة، إيمان وسلام يسر به الله

(2تي2: 22) الديانة الطاهرة النقية تقود إلى افتقاد اليتامى والأرامل ( يع1: 27) الديانة النقية هي ضمير نقي له حساسية نقية نحو الله. بهذه الأمور يتأهل الكاهن للخدمة(1تي1: 5). كان كاهن العهد القديم يتقدس طقسيا وعلي كاهن العهد الجديد أن يتقدس روحيا.

يجب أن تكون علامة الكاهن – التكريس الكلى لله – واضحة في كل مجالات حياته. هو إنسان الله رجلا كان أو امرأة. ونتيجة الاعتزال لله والانفصال عن كل دنس ينشئ فكر القداسة والتقديس الكامل. كان تكريس هرون وأولاده بواسطة موسى رمزا لاعتزالهم البشري لله. وضع موسى الدم عي شحمة آذانهم اليمني وأباهم أيديهم اليمني وأرجلهم اليمني (لا8: 23). معني هذا تقديس السمع والسلوك في خدمة الكاهن بالدم لاعداده للحياة لله. يجب أن يكون هدفنا الكهنوتي اليوم هو نفس هذه الأمور في تكريس الوقت، الطاقة المواهب والقدرات لله. هذه هي حياة الكهنوت الصحيحة.

خاتمة وتطبيق

لا يكفي التأكيد الظاهري في كهنوت كل المؤمنين كعقيدة كتابية نعيش فيها ولا يكفي أن ندين بشدة الطقسية والممارسات الأخرى التي تعيق ممارسة الكهنوت الحقيقي في الكنيسة أو خارجها. من الضروري أن نتحقق من المعني الكامل في أن يكون المؤمن عضوا في مملكة الكهنة بالعمل الجاد والنشاط الفعلي. يتطلب الحق الإلهي تجاوبنا بطريق فعالة.

وطالما لنا القبول عند الله يجب أن نقترب منه بأياد طاهرة وقلب نقي. وحيث أننا مدعوون لتقديم الذبائح يجب أن نفعل هذا في المجالات المتعددة. وطالما انه في إمكاننا أن نتوسل من اجل الآخرين يجب إلا نخفق في استخدام كل فرصة متاحة لنا. وان كان لنا الشبع في الله وحده وليس في الماديات فلنعمل من أجل إعادة لتقييم الكنوز المخبوءة في المسيح وحده. ولنتذكر أخيرا أن لنا اسمي دعوة للحياة المقدسة. وعندما تتحقق هذه الأمور في حياتنا اليومية فنحن نمارس كهنوت جميع المؤمنين والعبادة الجهرية بطريقة صالحة ، هذا شرف الكاهن وامتياز عظيم. علي أي حال ممارسة الكهنوت الخاصة ممكنة دائما لجميع المؤمنين ولا يجب إهمالها.

المرشد
الصفحة
  • عدد الزيارات: 16114