Skip to main content

الدرس الثالث

"1بُولُسُ عَبْدٌ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ الْمَدْعُوُّ رَسُولاً الْمُفْرَزُ لإنجيل اللهِ 2الَّذِي سَبَقَ فَوَعَدَ بِهِ بِأَنْبِيَائِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ 3عَنِ ابْنِهِ. الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ 4وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا. 5الَّذِي بِهِ لأَجْلِ اسْمِهِ قَبِلْنَا نِعْمَةً وَرِسَالَةً لإِطَاعَةِ الإيمان فِي جَمِيعِ الأُمَمِ 6الَّذِينَ بَيْنَهُمْ أَنْتُمْ أَيْضاً مَدْعُوُّو يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 7إِلَى جَمِيعِ الْمَوْجُودِينَ فِي رُومِيَةَ أَحِبَّاءَ اللهِ مَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 8أَوَّلاً أَشْكُرُ إِلَهِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنْ جِهَةِ جَمِيعِكُمْ أَنَّ إيمانكُمْ يُنَادَى بِهِ فِي كُلِّ الْعَالَمِ. 9فَإِنَّ اللهَ الَّذِي أَعْبُدُهُ بِرُوحِي فِي إنجيل ابْنِهِ شَاهِدٌ لِي كَيْفَ بِلاَ انْقِطَاعٍ أَذْكُرُكُمْ 10مُتَضَرِّعاً دَائِماً فِي صَلَوَاتِي عَسَى الآنَ أَنْ يَتَيَسَّرَ لِي مَرَّةً بِمَشِيئَةِ اللهِ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ. 11لأَنِّي مُشْتَاقٌ أَنْ أَرَاكُمْ لِكَيْ أَمْنَحَكُمْ هِبَةً رُوحِيَّةً لِثَبَاتِكُمْ 12أَيْ لِنَتَعَزَّى بَيْنَكُمْ بِالإيمان الَّذِي فِينَا جَمِيعاً إيمانكُمْ وَإيماني. 13ثُمَّ لَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَّنِي مِرَاراً كَثِيرَةً قَصَدْتُ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَمُنِعْتُ حَتَّى الآنَ لِيَكُونَ لِي ثَمَرٌ فِيكُمْ أَيْضاً كَمَا فِي سَائِرِ الأُمَمِ. 14إِنِّي مَدْيُونٌ لِلْيُونَانِيِّينَ وَالْبَرَابِرَةِ لِلْحُكَمَاءِ وَالْجُهَلاَءِ. 15فَهَكَذَا مَا هُوَ لِي مُسْتَعَدٌّ لِتَبْشِيرِكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ فِي رُومِيَةَ أَيْضاً 16لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإنجيل الْمَسِيحِ لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ لِلْيُونَانِيِّ. 17لأَنْ فِيهِ مُعْلَنٌ بِرُّ اللهِ بِإيمان لإيمان كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ«أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإيمان يَحْيَا" (رومية 1: 1-17).

نجد في النص الكتابي مقدمة بولس الرسول لرسالته إلى رومية وسنتأمل الآن في الأمور الهامة التي ستساعدنا على فهم الرسالة بأسرها بعون الله الموحي بها.

1. ينظر بولس إلى نفسه كعبد للرب يسوع المسيح الذي أعتقه من العبودية التي كان يرزح تحتها أثناء وجوده في طائفة الفريسين، وكرسول دعي من قبل المخلص من أجل نشر الخبر السار (أي الإنجيل) في جميع أنحاء العالم.

2. يدعو الرسول بولس الإنجيل بإنجيل الله. الخبر السار عن تتميم خلاص العالم بواسطة يسوع المسيح لم يكن ليتحقق لولا تدبير الله وخطته لفداء العالم من الخطية والشر. الإنجيل إذن ليس بشرى في مصدره ولا يمكن النظر إليه إلا كخبر الله المسر الذي يجب أن يذاع بين الملأ من قبل الذين يدعوهم الله للقيام بهذه المهمة المقدسة.

3. مع أن الإنجيل لم يصبح حقيقة واقعية إلا بعد قدوم المسيح إلى العالم وموته على الصليب وقيامته من الأموات إلا أن ذلك لم يكن أمراً مكتوماً إذ أن الله كان قد وعد به بواسطة أنبيائه في العهد القديم أي في الأيام التي سبقت الميلاد. وقد دون الأنبياء من موسى إلى ملاخي ما أوحي به إليهم في أسفار تدعى بالأسفار المقدسة أو العهد القديم أو التوراة.

4. الإنجيل هو عن ابن الله الوحيد يسوع المسيح الذي هو من نسل داود حسب الجسد أي بالنسبة إلى طبيعته البشرية. فيسوع المسيح ولد من مريم العذراء التي انحدرت من نسل الملك داود ولذلك يدعى أحيانا بإبن داود. ولكن المسيح ليس ذا طبيعة بشرية فحسب بل هو الأقنوم الثاني في اللاهوت الأقدس الذي تجسد ولذلك فهو رب لداود ولسائر المؤمنين بإنجيله المقدس.

5. أن يسوع المسيح الذي قام من الأموات وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الله الآب هو الذي دعا بولس وأرسله إلى العالم للبتشير. وهذه كلمات الرسول التي نقلها عنه البشير لوقا في سفر الأعمال بخصوص دعوته إلى المنـاداة بـالإنجيل: " وَلَكِنْ قُمْ وَقِفْ عَلَى رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهَذَا ظَهَرْتُ لَكَ لأَنْتَخِبَكَ خَادِماً وَشَاهِداً بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ مُنْقِذاً إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ وَمِنَ الْأُمَمِ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ حَتَّى يَنَالُوا بِالإيمان بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيباً مَعَ الْمُقَدَّسِينَ " (أعمال الرسل 26: 16-18).

6. كان إيمان مسيحيي رومية مشهوداً له في العالم بأسره أي بين الذين كانوا قد سمعوا عنهم في بقاع مختلفة من الدنيا. ومع أن الرسول لم يكن قد حظي بمشاهدتهم بصورة شخصية إلا أنه كان يرفع صلوات عديدة من أجلهم ومن أجل تيسير الأمور بالنسبة إلى ذهابه إليهم.

7. كان الرسول بولس يعدّ نفسه مديوناً لجميع الناس في العالم بأسره. وعندما يقول انه مديون لليونانيين لا يعني للذين ينحدرون من أصل إغريقي فحسب بل لسائر المتمدنين في عالمه بخلاف البرابرة أو أنصاف المتمدنين الذين كانوا يعيشون على تخوم الإمبراطورية الرومانية أو ضمن بعض مناطقها. وكذلك كان بولس يعدّ نفسه مديوناً للحكماء وسائر المثقفين وللجهلاء الأمّيين. كيف كان يستطيع أن يفي بدينه لهؤلاء الناس؟ بواسطة نشر خبر الإنجيل. لم يكن بولس ليستحي من إنجيل المسيح بالرغم من أن الناس كانوا سيسخرون منه ومن رسالته. إن إنجيل المسيح الذي كان يحمله من مكان إلى آخر والذي كان مستعداً أن يذيعه في العاصمة الرومانية ليس إلا قوة الله للخلاص لكل من يؤمن. لليهودي أولا بمعنى أن الخبر حمل قبل كل شيء إلى اليهود في مجامعهم وكذلك لليونانيين أي لسائر الوثنيين في تلك الأيام.

8. الإنجيل هو قوة الله للخلاص لكل من يؤمن لأن في الإنجيل وحده أعلن الله برّه أي طريقته الفريدة لتبرير الإنسان ولانتشاله من هوة الهلاك التي سقط فيها.

ليس هناك أية واسطة أخرى للخلاص من الخطية والموت لأن الله لم يشأ أن يعلن طريقة أخرى إذ أنه العليم الحكيم جاء بالطريقة الوحيدة الممكنة للتبرير ونفذها في يسوع المسيح وطلب من رسله إذاعة خبرها في المسكونة. أما كيفية الحصول على هذا البر أي كيفية التبرير فهي بواسطة الإيمان كما هو مكتوب: أما البار فبالإيمان يحيا. يحصل الإنسان على البر المقدّم في الإنجيل بواسطة الإيمان. ويحافظ على حياته الجديدة المبررة بواسطة الإيمان. البر هو بر الله والحصول عليه بالإيمان: هذه خلاصة الإنجيل. أما في بقية هذه الرسالة فإن الرسول سيأخذ على عاتقه أمر تفسير مباديء الإنجيل وتطبيقها في حياة الأفراد والجماعات.

  • عدد الزيارات: 10258