الدرس الرابع عشر
"1أَمْ تَجْهَلُونَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ - لأَنِّي أُكَلِّمُ الْعَارِفِينَ بِالنَّامُوسِ - أَنَّ النَّامُوسَ يَسُودُ عَلَى الإنسان مَا دَامَ حَيّاً. 2فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي تَحْتَ رَجُلٍ هِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ بِالرَّجُلِ الْحَيِّ. َلَكِنْ إِنْ مَاتَ الرَّجُلُ فَقَدْ تَحَرَّرَتْ مِنْ نَامُوسِ الرَّجُلِ. 3فَإِذاً مَا دَامَ الرَّجُلُ حَيّاً تُدْعَى زَانِيَةً إِنْ صَارَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ الرَّجُلُ فَهِيَ حُرَّةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى إِنَّهَا لَيْسَتْ زَانِيَةً إِنْ صَارَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ. 4إِذاً يَا إِخْوَتِي أَنْتُمْ أَيْضاً قَدْ مُتُّمْ لِلنَّامُوسِ بِجَسَدِ الْمَسِيحِ لِكَيْ تَصِيرُوا لِآخَرَ لِلَّذِي قَدْ أُقِيمَ مِنَ الأَمْوَاتِ لِنُثْمِرَ لِلَّهِ. 5لأَنَّهُ لَمَّا كُنَّا فِي الْجَسَدِ كَانَتْ أَهْوَاءُ الْخَطَايَا الَّتِي بِالنَّامُوسِ تَعْمَلُ فِي أَعْضَائِنَا لِكَيْ نُثْمِرَ لِلْمَوْتِ. 6وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ تَحَرَّرْنَا مِنَ النَّامُوسِ إِذْ مَاتَ الَّذِي كُنَّا مُمْسَكِينَ فِيهِ حَتَّى نَعْبُدَ بِجِدَّةِ الرُّوحِ لاَ بِعِتْقِ الْحَرْفِ. 7فَمَاذَا نَقُولُ؟ هَلِ النَّامُوسُ خَطِيَّةٌ؟ حَاشَا! بَلْ لَمْ أَعْرِفِ الْخَطِيَّةَ إِلاَّ بِالنَّامُوسِ. فَإِنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُ «لاَ تَشْتَهِ». 8وَلَكِنَّ الْخَطِيَّةَ وَهِيَ مُتَّخِذَةٌ فُرْصَةً بِالْوَصِيَّةِ أَنْشَأَتْ فِيَّ كُلَّ شَهْوَةٍ. لأَنْ بِدُونِ النَّامُوسِ الْخَطِيَّةُ مَيِّتَةٌ. 9أَمَّا أَنَا فَكُنْتُ بِدُونِ النَّامُوسِ عَائِشاً قَبْلاً. وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَتِ الْوَصِيَّةُ عَاشَتِ الْخَطِيَّةُ فَمُتُّ أَنَا 10فَوُجِدَتِ الْوَصِيَّةُ الَّتِي لِلْحَيَاةِ هِيَ نَفْسُهَا لِي لِلْمَوْتِ. 11لأَنَّ الْخَطِيَّةَ وَهِيَ مُتَّخِذَةٌ فُرْصَةً بِالْوَصِيَّةِ خَدَعَتْنِي بِهَا وَقَتَلَتْنِي. 12إِذاً النَّامُوسُ مُقَدَّسٌ وَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّسَةٌ وَعَادِلَةٌ وَصَالِحَةٌ. 13فَهَلْ صَارَ لِي الصَّالِحُ مَوْتاً؟ حَاشَا! بَلِ الْخَطِيَّةُ. لِكَيْ تَظْهَرَ خَطِيَّةً مُنْشِئَةً لِي بِالصَّالِحِ مَوْتاً لِكَيْ تَصِيرَ الْخَطِيَّةُ خَاطِئَةً جِدّاً بِالْوَصِيَّةِ. 14فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ رُوحِيٌّ وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ. 15لأَنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. 16فَإِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِنِّي أُصَادِقُ النَّامُوسَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 17فَالآنَ لَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَا بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. 18فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ أَيْ فِي جَسَدِي شَيْءٌ صَالِحٌ. لأَنَّ الإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى فَلَسْتُ أَجِدُ" (رومية 7: 1-13).
من المهم جداً أن يحدد المؤمن موقفه من شريعة الله ولذلك فإن الرسول لا يزال يبحث في الفصل السابع من رسالته إلى رومية عن موضوع الشريعة.
1. تعبر الشريعة عن إرادة الله المختصة بحياة الإنسان. الشريعة هي النظام الذي يجب أن يسود حياة الإنسان كخليقة لله.
2.كان الإنسان الأول آدم قادراً على القيام بأوامر الشريعة والابتعاد عن الأمور التي منعتها الشريعة. لكن آدم اختار أن يتعدى على أمر الله. وبمعصيته سقط في الخطية وجلب غضب الله عليه وعلى نسله.
3. فقد الإنسان بعد السقوط المقدرة على القيام بمتطلبات الشريعة. لم تتغير الشريعة لأنها من مصدر إلهي ولكن الإنسان تغير إذ أنه صار عبداً للخطية.
4. فقدان المقدرة على القيام بمتطلبات الشريعة لم يَعْنِ أن الناس أصبحوا أحراراً منها بل أنهم بقيوا تحت سلطتها. لكنهم نظراً لفشلهم في الحياة حسب الشريعة أصبحوا تحت دينونتها.
5. الحصول على الحياة الأبدية غير ممكن بواسطة الشريعة لأنها عاجزة عن إعطاء الإنسان القوة أو المقدرة للقيام بجميع متطلباتها.
6. أعلن الله عن طريقة جديدة للخلاص ألا وهى بواسطة الإيمان بيسوع المسيح وبعمله الفدائي.
لكن الشريعة لا تلغى ولا تختفي من الوجود نظراً لبروز تدبير جديد للخلاص. المهم إذاً تحديد موقف المؤمن من الناموس. وهذا ليس بالأمر النظري بل إنه هام للغاية ويجدر بنا أن نصغي إلى تعليم الرسول وألا ننحرف عنه يميناً أو يساراً.
1. المؤمن قد مات بالنسبة إلى الشريعة فهو لذلك ليس تحت الشريعة بمعنى أنه غير مرغم للعمل بجميع متطلبات الشريعة لنيل الحياة الأبدية. يلجأ الرسول إلى مثل مأخوذ من الحياة البشرية بصورة عامة عندما يصرح مثلا بأن الشريعة تسود على الإنسان مادام حياً. إذ أنه لا يمكن للشريعة أن تطبق بحق إنسان متى مات هذا الإنسان. ومن القاعدة العامة ينتقل الرسول إلى قضية الزواج. المرأة المتزوجة مرتبطة حسب الشريعة بزوجها بشكل أنه لا يجوز لها أن تكون زوجة لرجل آخر. لكن متى مات الزوج فإن الزوجة لها مطلق الحرية بأن تتزوج من رجل آخر بدون أن تصبح زانية.
يختبر المؤمن بيسوع المسيح في حياته أمراً مماثلاً. إنه يموت للشريعة بجسد المسيح، إذ أن مخلصه قد قام بالتكفير عن خطاياه على الصليب وبكسب البر له بحياته الكاملة. لم يعد المؤمن تحت الشريعة كقاعدة لكسب البر والحياة الأبدية، بل إنه صار للمسيح يسوع. لما كان المؤمن بدون إيمانه أي قبل اهتدائه إلى الإيمان القويم كانت حياته تثمر ثمار الخطية المؤدية إلى الموت الأبدي. أما الآن فإن حياة المؤمن الجديدة تثمر ثمار البر للحياة الأبدية.
2. هل يعني ما ذكرناه بأن الشريعة خطية؟ كلا. كيف يمكن لإرادة الله بأن تكون خطية أو شريرة؟ حاشا. الشريعة ليست خطية لكن الشريعة في حالة الإنسان الحالية (وهي حالة ساقطة) إنما تعمل على إظهار الخطية. الداء لا يعرف خطورة حالته بل يظن أنها طبيعية وجيدة. ولكنه عندما يسمع إحدى وصايا الشريعة مثل الوصية العاشرة التي تقول: لا تشته ! فإنه يبدأ بالشعور بثورة طبيعته البشرية الساقطة ضد الوصية. مثلاً كان بولس قبل اهتدائه إلى المسيحية يشعر بأن حياته كانت على أحسن ما يرام. كان يعيش بدون الشريعة ليس بمعنى أنه لم يكن ملماً بحرف الشريعة أو نصها – هذا غير ممكن لأنه ولد في بيت يهودي ودرس اللاهوت (أي علم الكلام) في القدس– ولكن بمعنى أنه لم يكن عالماً بروح الشريعة. كان أثناء تلك المرحلة من حياته عائشاً ليس بمعنى أنه كان ينعم بالحياة الأبدية، ولكن بمعنى أن حياته كانت خالية من الاضطراب الذي تحدثه الوصية الإلهية متى عرفت كما يجب. لكن حالما عرف بولس بروحانية الوصية عاشت الخطية فيه أي أنها هبت إلى العمل ضمن حياته، ومات (بمعنى انه دين من الشريعة).
3. الشريعة مقدسة والوصايا العشر مقدسة وعادلة وصالحة ولا يمكن النظر إليها كسبب للخطية والموت. كلا، إن الخطية الموجودة في الإنسان تصبح أكثر فعالية نظراً لوجود الشريعة وهكذا تأتي بالإنسان إلى الموت. الشريعة إذاً عاجزة عن إعطاء الإنسان ما هو في أمس الحاجة إليه فلا بد إذن من النظر إلى طريقة أخرى للحصول على الحياة. نشكر الله لإعطائنا الطريقة الفعالة للخلاص بواسطة ابنه يسوع المسيح وكنعمة مجانية نقبلها بالإيمان.
- عدد الزيارات: 7050