Skip to main content

الدرس الحادي عشر

الفصل 8

النص الكتابي:

"1وَأَمَّا رَأْسُ الْكَلاَمِ فَهُوَ أَنَّ لَنَا رَئِيسَ كَهَنَةٍ مِثْلَ هَذَا،قَدْ جَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ الْعَظَمَةِ فِي السَّمَاوَاتِ 2خَادِماً لِلأقداس وَالْمَسْكَنِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي نَصَبَهُ الرَّبُّ لاَ إنسان. 3لأَنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ يُقَامُ لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ. فَمِنْ ثَمَّ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا أيضاً شَيْءٌ يُقَدِّمُهُ. 4فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الأرض لَمَا كَانَ كَاهِناً، إِذْ يُوجَدُ الْكَهَنَةُ الَّذِينَ يُقَدِّمُونَ قَرَابِينَ حَسَبَ النَّامُوسِ، 5الَّذِينَ يَخْدِمُونَ شِبْهَ السَّمَاوِيَّاتِ وَظِلَّهَا، كَمَا أُوحِيَ إلى مُوسَى وَهُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَصْنَعَ الْمَسْكَنَ. لأَنَّهُ قَالَ: «انْظُرْ أَنْ تَصْنَعَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ الْمِثَالِ الَّذِي أُظْهِرَ لَكَ فِي الْجَبَلِ». 6وَلَكِنَّهُ الآنَ قَدْ حَصَلَ عَلَى خِدْمَةٍ أَفْضَلَ بِمِقْدَارِ مَا هُوَ وَسِيطٌ أيضاً لِعَهْدٍ أَعْظَمَ، قَدْ تَثَبَّتَ عَلَى مَوَاعِيدَ أَفْضَلَ. 7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأول بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ. 8لأَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ لاَئِماً: «هُوَذَا أيام تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ، حِينَ أُكَمِّلُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمَعَ بَيْتِ يَهُوذَا عَهْداً جَدِيداً. 9لاَ كَالْعَهْدِ الَّذِي عَمِلْتُهُ مَعَ آبَائِهِمْ يَوْمَ أَمْسَكْتُ بِيَدِهِمْ لِأُخْرِجَهُمْ مِنْ أرض مِصْرَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَثْبُتُوا فِي عَهْدِي، وَأَنَا أَهْمَلْتُهُمْ يَقُولُ الرَّبُّ. 10لأَنَّ هَذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَعْهَدُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأيام يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي أَذْهَانِهِمْ، وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْباً. 11وَلاَ يُعَلِّمُونَ كُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ قَائِلاً: اعْرِفِ الرَّبَّ، لأَنَّ الْجَمِيعَ سَيَعْرِفُونَنِي مِنْ صَغِيرِهِمْ إلى كَبِيرِهِمْ. 12لأَنِّي أَكُونُ صَفُوحاً عَنْ آثَامِهِمْ، وَلاَ أَذْكُرُ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ». 13فَإِذْ قَالَ «جَدِيداً» عَتَّقَ الأول. وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الاِضْمِحْلاَلِ."

هذه خلاصة ما تعلمناه حتى الآن من الرسالة إلى العبرانيين: إن السيد المسيح هو وحي الله النهائي للعالم وكذلك هو مخلص العالم الوحيد وفاديه من الخطية. ولكن بما أن الله كان قد أقام نظاماً دينياً أثناء أيام ما قبل المسيح ذلك النظام كان يدور حول كهنوت بني هارون والفرائض والشرائع العديدة التي كانت تميزه فيجب تحديد موقفنا من ذلك النظام القديم المدعو بلغة الكتاب المقدس باسم العهد القديم. وتعليم صاحب الرسالة هو أن ذلك النظام كان يشير ويرمز إلى النظام النهائي والجديد الذي كان سيدشنه السيد المسيح لدى مجيئه إلى الأرض لتتميم عمله الفدائي والإنقاذي. ولذلك يجدر بنا نحن الذين نعيش أثناء هذه الفترة المدعوة بالعهد الجديد، أن نعلم أنها الحقبة الأخيرة من التاريخ البشري وأن الله يدعو أثناءها جميع الناس للتوبة والإيمان بمن أرسله ليكون مخلص العالم. وسنبحث في موضوع كهنوت المسيح الذي هو أسمى من كهنوت العهد القديم وكذلك في موضوع العهد الجديد الذي أقامه الله ليأخذ مكان العهد القديم الذي ولى واضمحل لدى بزوغ شمس النظام الجديد في سماء عالمنا المليء بالخطايا والشرور والشقاء والتعاسة.

1. المسيح يسوع هو رئيس كهنة جالس في يمين عرش العظمة في السموات:

تكلمنا سابقا عن كون المسيح يسوع رئيس كهنة العهد الجديد بصورة فريدة وانه قد أتم خلاصنا بموته الكفاري والبدلي على الصليب. من المهم أن نرى الفرق العظيم بين كهنوت المسيح وكهنوت العهد القديم إذ بينما كان كهنة تلك الحقبة من التاريخ يقومون بالتوسط بين الله والإنسان في هيكل أرضي حسب النظام المنصوص عليه في شريعة موسى نرى أن كاهننا العظيم السيد المسيح إنما جالس عن يمين عرش الله في السموات فهو لا يعمل إذن كوسيط على هذه الأرض بل في مسكن الله العظيم. وليظهر أن هذا التعليم ليس بأمر مستحدث يستشهد الكاتب بما أوحي إلى موسى من قبل الرب بخصوص التعليمات المتعلقة ببناء الهيكل وأمور خيمة الاجتماع قبل بناء الهيكل الذي تم أثناء حكم سليمان قال الله لموسى: "انظر أن تصنع كل شيء حسب المثال الذي أظهر لك في الجبل". فالهيكل الأصلي والثابت والدائم هو في السماء حيث يسكن الله في جلاله ومجده الباهرين. فهيكل سليمان كان إذن شبه هيكل السماء وظله. فإنه لم يدم بل دُمّر وأُعيد بناؤه ثم دُمر وأُعيد بناؤه أثناء حياة الرب يسوع المسيح ثم دُمر نهائياً في السنة 70 ميلادية. والسيد المسيح له المجد قد حصل على خدمة أفضل لأنه يعمل مباشرة في الحضرة الإلهية في السموات وهو أيضاً وسيط لعهد أفضل وأعظم، لعهد أو نظام جديد قد تثبت على مواعيد إلهية أفضل.

2. كان العهد القديم عهداً وقتياً بينما العهد الجديد هو عهد دائم وثابت إلى الأبد:

علينا أن نتصور هنـا وقع هذه الكلمات على جماعة المؤمنين الذين استلموا الرسالة والذين كانوا من أصل عبري. كل النظام الطقسي والشعائري والناموسي الذي كانوا يعيشون في ظله والذي عاش فيه آباؤهم وأجدادهم منذ أيام موسى النبي، كل ذلك النظام القديم لم يكن إلا نظاماً وقتياً زائلاً. هذه الحقيقة العظمى تكلم عنها أنبياء العهد القديم وهي جزء هام من كلمة الله التي لا يمكن أن تزول أو تنقض. ولذلك يعلمنا صاحب الرسالة: "فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأول (أي العهد القديم) بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ". ولكنّ الله تعالى كان قد تكلم منذ نحو 600 سنة قبل القرن الأول الميلادي وقال بواسطة عبده أرميا الذي يقتبس الكاتب من الفصل 31: 31-34 من نبوته ويقول: "هُوَذَا أيام تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ، حِينَ أُكَمِّلُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمَعَ بَيْتِ يَهُوذَا عَهْداً جَدِيداً. 9لاَ كَالْعَهْدِ الَّذِي عَمِلْتُهُ مَعَ آبَائِهِمْ". وأفضلية هذا العهد ترى في هذه الأمور: سيعمل الله في قلوب المؤمنين بواسطة روحه القدوس بصورة تصبح فيه نواميس الله مكتوبة على القلوب وليس فقط منقوشة على الحجر، وكذلك سيحصل الإنسان على الصلاحية للمثول أمام الله بدون وساطة إن كان قد التجأ إليه تعالى بواسطة المسيح وصفح الله عن خطايا المؤمنين. فبما أن الله ذكر حتى في أيام أرميا وجود عهد جديد، لابد من أن يكون العهد القديم قد شاخ واقترب من الاضمحلال وهذا ما حدث بالفعل في أيام المسيح.

  • عدد الزيارات: 3883