Skip to main content

الأصحاح السادس

"يُوجَدُ شَرٌّ قَدْ رَأَيْتُهُ تَحْتَ الشَّمْسِ وَهُوَ كَثِيرٌ بَيْنَ النَّاسِ رَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ غِنًى وَمَالاً وَكَرَامَةً وَلَيْسَ لِنَفْسِهِ عَوَزٌ مِنْ كُلِّ مَا يَشْتَهِيهِ وَلَمْ يُعْطِهِ اللَّهُ اسْتِطَاعَةً عَلَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بَلْ يَأْكُلُهُ إِنْسَانٌ غَرِيبٌ هَذَا بَاطِلٌ وَمُصِيبَةٌ رَدِيئَةٌ" (ع 1, 2)

المعنى الحرفي قائم وكما يقول الحكيم أنه كثير بين الناس وخاصة في هذه الأيام, فهناك من يكنزون الثروات الضخمة ويعيشون كفقراء يحرمون أنفسهم من التمتع بهذا الخير.

سبب آخر هو الإفراط في الأكل ينتج عنه أمراض في الجسم تحرم الإنسان من التمتع بهذه الخيرات, فهو يرى كل الخير بعينيه وملكه ولكنه لا يستطيع أن يتذوقه أو يتمتع به.

المعنى النبوي: نراه داخل دائرة المسيحية وقد تم في اليهودية قبلها- الشعب الذي يُدعى عليه اسم الرب والمفروض أن يحمل لواء الشهادة للرب, أودعه الله كل الغنى كما يقرر الرسول "إِذاً مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ" (رو 3: 1, 2), وهو ذات تقرير موسى في تث 4: 6 "لأَنَّ ذَلِكَ- أي كلمة الله- أي كلمة الله- حِكْمَتُكُمْ وَفِطْنَتُكُمْ أَمَامَ أَعْيُنِ الشُّعُوبِ الذِينَ يَسْمَعُونَ كُل هَذِهِ الفَرَائِضِ فَيَقُولُونَ: هَذَا الشَّعْبُ العَظِيمُ إِنَّمَا هُوَ شَعْبٌ حَكِيمٌ وَفَطِنٌ. لأَنَّهُ أَيُّ شَعْبٍ هُوَ عَظِيمٌ لهُ آلِهَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْهُ كَالرَّبِّ إِلهِنَا فِي كُلِّ أَدْعِيَتِنَا إِليْهِ؟ وَأَيُّ شَعْبٍ هُوَ عَظِيمٌ لهُ فَرَائِضُ وَأَحْكَامٌ عَادِلةٌ مِثْلُ كُلِّ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ التِي أَنَا وَاضِعٌ أَمَامَكُمُ اليَوْمَ".

لكن بكل أسف غالبية الأمة في كل أجيالها لم تقدّر هذا الغنى العجيب وهذه الجواهر المجيدة, فاحتقروا مكلمة الله وتم فيهم القول "هلك شعبي من عدم المعرفة" (هو 3: 6). لكن ما أروع النبوة, كان هناك في كل الأجيال أناس من خارج الأمة انكسرت قلوبهم أمام هذه الكلمة وهكذا قبلهم الله في نعمته وتمتعوا بهذا الغنى الحقيقي. وهو ذات تقرير أشعياء عن "أبناء الغريب الذين يقترنون بالرب ليخدموه ويحبوا اسم الرب" (أش 56: 6) وقد تم هذا القول في العهد القديم في نعمان السرياني (2 مل 5), وأرملة صرفة صيداء (1 مل 17). كما قرر الرب أمام اليهود في مجمع الناصرة (لو 4). لكنه سيتم مستقبلاً في أسبوع الضيقة في الشعوب الوثنية التي ستؤمن بالرب يسوع المسيح وترتبط به مع البقية التائبة من الأمة اليهودية.

وهذا بالضبط ما يحدث في داخل دائرة المسيحية حتى من الرياسات الدينية التي تحتقر كلمة الله, في الوقت الذي فيه يأتي الغريب من خارج دائرة المسيحية ويرتبطون بالرب ويحتملون الأهوال من أجل اسم المسيح الغالي.

بقيت كلمة "ولم يعطه الله استطاعة أن يأكل منه"- لماذا لم يعطي الله الكثيرين من شعبه القديم وفي المسيحية الاسمية الآن, استطاعة على أن يأكلوا من ثروته الغنية في كلمته؟ السبب واحد هو عدم الانكسار أمام الرب والاتكال على طريق الأعمال الذي هو طريق قايين المرفوض والملعون.

ما أروع قائد المئة الأممي في اتضاعه أمام الرب "يا سَيِّدُ لَسْتُ مُسْتَحِقّاً أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي لَكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَقَطْ فَيَبْرَأَ غُلاَمِي" (مت 8: 8), وما أروع تلك المرأة الكنعانية الغريبة "نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلاَبُ أَيْضاً تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا" وما أمجد الإجابة من فم الرب نفسه "يا امرأة عظيم إيمانك" (مت 15: 27,28).

"إِنْ وَلَدَ إِنْسَانٌ مِئَةً وَعَاشَ سِنِينَ كَثِيرَةً حَتَّى تَصِيرَ أَيَّامُ سِنِيهِ كَثِيرَةً وَلَمْ تَشْبَعْ نَفْسُهُ مِنَ الْخَيْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَيْضاً دَفْنٌ فَأَقُولُ «إِنَّ السِّقْطَ خَيْرٌ مِنْهُ». لأَنَّهُ فِي الْبَاطِلِ يَجِيءُ وَفِي الظَّلاَمِ يَذْهَبُ وَاسْمُهُ يُغَطَّى بِالظَّلاَمِ. وَأَيْضاً لَمْ يَرَ الشَّمْسَ وَلَمْ يَعْلَمْ. فَهَذَا لَهُ رَاحَةٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَاكَ وَإِنْ عَاشَ أَلْفَ سَنَةٍ مُضَاعَفَةً وَلَمْ يَرَ خَيْراً أَلَيْسَ إِلَى مَوْضِعٍ وَاحِدٍ يَذْهَبُ الْجَمِيعُ" (ع 3- 6).

يفترض الحكيم كل ينابيع القوة البشرية تحت الشمس.

أولاً- عدداً خيالياً من البنين وهؤلاء كما قرر هو في مزموره 127: 4 "كَسِهَامٍ بِيَدِ جَبَّارٍ هَكَذَا أَبْنَاءُ الشَّبِيبَةِ. طُوبَى لِلَّذِي مَلَأَ جُعْبَتَهُ مِنْهُمْ. لاَ يَخْزُونَ بَلْ يُكَلِّمُونَ الأَعْدَاءَ فِي الْبَابِ".

ثانياً- صحة وقوة جسدية تنتصر على الأمراض وهكذا يعيش سنين كثيرة حتى أنه ينسى أنه له يوم يُدفن فيه. مع توفر كل ذلك ولم تشبع نفسه من الخير فالسقط خير منه.

ما هو المقصود بالقول "لم تشبع نفسه من الخير فالسقط خير منه"؟ المقصود أن كل ينابيع الخير الزمني مهما تهاطلت فهناك الصرخة: هل من مزيد لأن العين لا تشبع من النظر ومن يحب الثروة لا يشبع من دخل. فأين إذاً الشبع الحقيقي والارتواء الحقيقي؟

"كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضاً. وَلَكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ" (يو 4: 13). إذاً الخلاصة أن السقط الذي لم يرَ الشمس.. وليس له اسم هو خير من ذلك الجبار! عجباً, لأن السقط لم يُعطَ روحاً ونفساً خالدة فانتهى كيانه تماماً أما الذي اختبر كل مراحم القدير في حياته ولم يتعرف به كالفادي والمخلص ما أتعس أبديته بلا رجاء.

ع 6 له الوجه النبوي العجيب "وإن عاش إنسان ألف سنة مضاعفة"- أصل الأمة اليهودية هو إبراهيم وقد بقيت هذه الأمة في ارتباط اسمي بالرب 2000 عام أي ألف سنة مضاعفة لأن من إبراهيم إلى تجسد الرب 2000 عام. والملحوظة المذهلة التي يختم بها هذا العدد "أليس إلى موضع واحد يذهب الجميع" عجباً! مَنْ هم الذين سينضمون إلى الأمة اليهودية ليشتركوا معها في مصيرها التعس الأبدي؟ إنها المسيحية الأسمية. وهذا ما نراه واضحاً في نبوة زكريا ص 5 حيث نجد امرأتين جالستين في وسط الأيفة أي غارقتين في المكاسب الزمنية والتجارة, وأخيراً رفعتا الأيفة وطارتا إلى أرض شنعار مقر الوثنية لأن المسيحيين بالاسم واليهود الرافضين التوبة جميعاً سيغرقون في عبادة الوحش ويسجدون لسمته.

 "كُلُّ تَعَبِ الإِنْسَانِ لِفَمِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَالنَّفْسُ لاَ تَمْتَلِئُ. لأَنَّهُ مَاذَا يَبْقَى لِلْحَكِيمِ أَكْثَرَ مِنَ الْجَاهِلِ. مَاذَا لِلْفَقِيرِ الْعَارِفِ السُّلُوكَ أَمَامَ الأَحْيَاءِ" (ع 7, 8).

بسقوط الإنسان أصبحت الرغبات الجسدية هي المحرك لكل تعبه، وشهوة الأكل هي واحدة منها. لكن التقرير الذي يملأ الكتاب كله، أن نفس الإنسان لا شبع لها.

لقد وصف الرسول غير التائبين في (في 3) أن "إلههم بطنهم ومجدهم في خزيهم" والمعلمين الكذبة في رو 16: 17 "لا يخدمون ربنا يسوع المسيح بل بطونهم". لذلك تحذير الرب لأحبائه "لذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ" (مت 6: 25). ماذا يبقى للحكيم أكثر من الجاهل ماذا للفقير (المصاب بصدمات) العارف السلوك أمام الأحياء (الذي يستخدم حكمته البشرية وكأنه صامد أمام الصدمات ويعرف كيف يشق طريقه أمام الناس الأحياء غير المصابين نظيره.

الكتاب المقدس لا ينكر أن هناك في العالم حكماء لهم حكمتهم البشرية التي لها وزنها في نظر البشر بل وحتى أمام ملوك العالم ولكن أمام أمور الله ظهرت غباوتهم "حكماء مشيري فرعون مشورتهم بهيمية" (أش 19: 12) وهنا سليمان يقرر أنه أمام هذا الأمر المحزن "كل تعب الإنسان لفمه" ليس هناك فضل للحكيم على الجاهل إطلاقاً وحتى الظاهر أمام الناس أنه صامد أمام التجارب وكأنه عارف السلوك أي مملوء حكمة, لكنه أيضاً غارق في هذا الأمر المحزن- كل تعب الإنسان لفمه.

"رُؤْيَةُ الْعُيُونِ خَيْرٌ مِنْ شَهْوَةِ النَّفْسِ هَذَا أَيْضاً بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ" (ع 9).

رؤية العيون أي استمرار الإنسان هنا في الحياة أفضل من رحيل النفس (حسب أدق المخطوطات)- أي أن مغادرة هذه الحياة هو خسارة مرعبة جداً لا تدانيها أية خسارة, والموت يسمى ملك الأهوال (أي 18) لأن الإنسان يفقد كل ما يمتع به نفسه هنا ويذهب إلى الحرمان والعذاب الرهيب كما صرخ ذلك الغني "لأني معذب في هذا اللهيب". وكما قرر الرب في 7 مناسبات "هناك يكون البكاء وصرير الأسنان"- ما أبعد الفرق بين الإنسان كابن آدم تحت الشمس وبين الغسول بدم الحمل الذي حصل على الولادة من فوق, فرحيل نفسه من هذا العالم خسارة لمن حوله لكن بالنسبة له فهو ربح عظيم "لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ.

لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدّاً" (في 1: 21, 23)

"الذِي كَانَ فَقَدْ دُعِيَ بِاسْمٍ مُنْذُ زَمَانٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ إِنْسَانٌ (آدم) وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخَاصِمَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ" (ع 10).

أمام القصة المحزنة التي تدمي القلب وهي رحيل نفس من هذا العالم بلا رجاء يعود الحكيم إلى الأصل لتلك القصة المؤسفة وهو آدم وكيف سقط في الخصام مع خالقه وكانت النتيجة حكم الموت (رو 5: 12) ومن تلك اللحظة بدأت  معاملات النعمة من جديد لرد آدم وكل نسله, كل من يقبل المصالحة مع الأقوى منه الذي هو الخالق المبارك- "الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم" (2 كو 5: 19).

"لأَنَّهُ تُوجَدُ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ تَزِيدُ الْبَاطِلَ. فَأَيُّ فَضْلٍ لِلإِنْسَانِ" (ع 11).

إذ تأمل الحكيم في الموقف المحزن أن آدم ومن ورائه كل نسله سقطوا في الوضع المحزن وهو مخاصمة من هو أقوى منه أي القدير, وإذ تنتهي الحياة على هذا الوضع ما أرهب الكارثة أبدياً. فهل اتضع الإنسان أمام الله وارتمى عليه في انسحاق قلبي صادق؟ بكل أسف زاد الباطل بسبب اختراع القلب البشري لأمور كثيرة يقصد بها أن يرضي الله وكلها تدور حول مدرسة قايين- مدرسة الأعمال.

الله يقدم (الروشتة) الإلهية الوحيدة المجيدة لشفاء الإنسان في الحال وإلى الأبد, وهي دم حمل الله المطهر من كل خطية والذي فيه لنا الفداء وغفران خطايانا على الأبد فإذا بالمعلمين الكذبة يرفضونها ويقدمون أموراً كثيرة تزيد الباطل "فَكَمْ عِقَاباً أَشَرَّ تَظُنُّونَ أَنَّهُ يُحْسَبُ مُسْتَحِقّاً مَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ، وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِساً، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ" (عب 10: 28)

"لأَنَّهُ مَنْ يَعْرِفُ مَا هُوَ خَيْرٌ لِلإِنْسَانِ فِي الْحَيَاةِ مُدَّةَ أَيَّامِ حَيَاةِ بَاطِلِهِ الَّتِي يَقْضِيهَا كَالظِّلِّ لأَنَّهُ مَنْ يُخْبِرُ الإِنْسَانَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَهُ تَحْتَ الشَّمْسِ" (ع 12).

يختم الحكيم بحثه بهذين السؤالين:

- مَنْ يعرّفنا الخير للإنسان في أيام حياته؟

- مَنْ يخبرنا بمستقبل الأرض بهد انتهاء يوم الإنسان؟

ولا يوجد مرجع أمين صادق إلا مستودع الحق الوحيد في العالم الذي هو كلمة الله "إلى الأبد يا رب كلمتك مثبتة في السموات" (مز 119: 89). أين الخير للإنسان في الحياة مدة أيام باطله؟ اسمع ما يقوله الكتاب "تعرّف به- صالح نفسك معه الآن- واسلم (وكن في سلام) بذلك يأتيك خير" (أي 22: 22)

وهتاف المؤمن في مزمور راعي الخراف العظيم (مز 23) "اَلرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ... إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي". وذلك بعد مزمور الراعي الصالح الذي بذل نفسه لأجل الخراف, فيقول في مز 22: 16 "ثقبوا يديّ ورجليّ".

ما أبعد الفارق بين حياة فيها دم الحمل وتحت راية مخافة اسمه وتوقيره قبل كل كلمة وكل تصرف. هنا وهنا فقط الخير وكل الخير, وهنا فقط الخروج من تحت الراية الرهيبة "أيام حياة باطلة". ما أروع التقرير المقدم من ابن الله عن إرساليته المجيدة "وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ" (يو 10: 10)- أفضل أي حياة متزايدة نامية في كل كمالات الله ومثمرة لمجد الله, ولا ننسى الوصف الآخر لحياة الإنسان الباطلة في كلام سليمان "كالظل" فما أقصرها, وتوصف بالظل وبالبخار (يع 4) وبالغبار (مز 90) وبأنها أشبار (مز 39).

ليت كل نفس تتعقل وتصرخ من الأعماق "عَرِّفْنِي يَا رَبُّ نِهَايَتِي وَمِقْدَارَ أَيَّامِي كَمْ هِيَ فَأَعْلَمَ كَيْفَ أَنَا زَائِلٌ" (مز 39: 4).

- نأتي إلى السؤال الثاني: لأنه من يخبر الإنسان بما يكون بعده تحت الشمس-  فعلاً هو أمر يستحق التأمل والتفكير العميق لأن يوم الإنسان لا بد أن ينتهي وتاريخ الكرة الأرضية المملوء بالظلام والقسوة والأنانية سوف ينتهي, لكن حاشا للقدير أن ينهي تاريخ كوكبنا هذا بهذا المشهد الرديء, لأنه لا يمكن أن يخيب قصد واحد من مقاصده الكريمة, فقد كان في قصده أنه بإنسان يملك هو على الخليقة وتظهر كل كمالاته واستقاماته الأزلية فهل فشل آدم الأول يُرجع الله عن قصده؟ حاشا. هوذا آدم الأخير, الإنسان الثاني, الرب من السماء يحقق ذلك القصد وقد تيقنت قلوب المفديين من بدء التاريخ أن ذاك الأزلي القدير سيأتي كنسل المرأة ويسحق الشيطان تماماً ويملك على الأرض.

ما أروع تقرير أيوب منذ ...4 سنة "أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ وَلِيِّي حَيٌّ وَالآخِرَ عَلَى الأَرْضِ يَقُومُ" (أي 19: 25) أي هو الحي الأزلي الأبدي هو فاديّ وهو بذاته سوف يقوم على الأرض أي يملك عليها. "وَيَكُونُ الرَّبُّ مَلِكاً عَلَى كُلِّ الأَرْضِ. فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ الرَّبُّ وَحْدَهُ وَاسْمُهُ وَحْدَهُ" (زك 14: 9)


  • عدد الزيارات: 1938