Skip to main content

إن يسوع هو الله الظاهر بالجسد

لقد رأينا أن الحق قابل لأنه يُعرف بشكل فعلي (الفصل 1). وأنه لا يمكن أن يكون كلا النقيضين صادقاً (الفصل 2). وأن الله الواحد موجود (الفصل 3). والمعجزات ممكنة (الفصل 4). والمعجزات تأتي بالارتباط مع إعلان الحق، الذي يؤكد أن هذا الإعلان هو حق (الفصل 5). وأن وثائق العهد الجديد موثوقة تاريخياً (الفصل 6). وأن العهد الجديد شهد على أن يسوع لم يعلن فحسب أنه الله (الفصل 7)، بل أن إعلانه تبرهن عليه بإجراء مجموعة فريدة من المعجزات (الفصل 8). وبهذا، فيسوع هو الله الظاهر في الجسد.

مقياس تأكيد المعجزة

ثمة معايير عديدة لقبول المعجزة (الفصل 5) واعتبارها تؤكد حقيقة الدعوى. وهذه المعايير هي ضمانات معقولة للتوثق من البرهان الإعجازي لرسالة من الله. وبدون تلبية هذه المعايير، فالدليل على ألوهية يسوع تنخفض بشكل كبير. في حين التدليل بها، يقدم برهاناً لا شك فيه.

  1. يجب أن تكون أحداث خارقة حقاً

إن الأحداث يجب أن تكون خارقة بشكل فعلي. وليست أحداثاً شاذة، سحرية، أفعال صدفة، أو علاجات نفسية ـ جسدية تُعتبر معجزات (انظر الفصل 4).

أغلب معجزات يسوع كانت قطعية [خارج الشك المنطقي] بأصالتها. وحتى السحرة المحترفون يقرّون أنه بدون المساعدات التقنية الدقيقة، ومنصات متقدمة (التي لم تكن بحوزة يسوع)، لا يمكن بأي وسيلة تزيف معجزات يسوع.[176]

فمثلاً، كان ألعازر قد صار له ميتاً أربعة أيام وبدأ جسده يفسد قبل أن يقيمه يسوع من الموت ثانيةً (يوحنا 11: 39). وسير يسوع على الماء كان معجزةً واضحةً. وبالنظر إلى الأمواج، والعاصفة، فبطرس بدأ يغرق بالماء (متى 14: 22 ـ 33)، ولم يكن يسوع قرب الشاطئ أو المياه الضحلة بحيث يمكن أن يزيف السير. وكذلك، شفاء مولود أعمى أمر خارق. ويأتي الدليل على الطبيعة الخارقة لما جرى من اعتراف أبوي الرجل الأعمى، وكانت السلطات تقدر على رفضها، ولكنها حاولت أن تقاومها (يوحنا 9). وبالمثل، فتحويل الماء إلى خمرٍ لهو معجزة حقيقية (يوحنا 2)، كما إطعام الـ (5000) ببضع أرغفة وسمكتين (يوحنا 6). وفي أحيان كان يسوع يقوم بشفاء جماعي (متى 8: 16). وكذلك شفي مريضاً بمرض مستعصٍ (متى 8). وإن نظرنا إلى أن الله موجود (الفصل 3)، ودقة ما جاء في الإنجيل (الفصل 6)، فيظهر لنا أن أعمال يسوع ليست بوسائل بشرية، فهي كانت فريدة، وغير عادية، ومتعددة باسم الله الواحد.

  1. يجب أن تكون معجزات متعددة

يجب أن يكون ثمة على الأقل معجزتان أو أكثر. وهذا قائم على المبدأ الكتابي الذي ينص: «عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ» (التثنية 17: 6) وهو شرط ضروري في القضايا الهامة. والمعجزات هي شاهد خارق. وتسجل الأناجيل أكثر من خمسين معجزة قام بها يسوع. وبعضها تشمل أشخاص كثر.

وهذه المعجزات الكثيرة والمختلفة تضع تأكيد إعلان المسيح أنه الله خارج الشك المنطقي. وتضع دعاوي المسيح وتأكيداته في فئة خاصة بها، وليس لها مثيل من جانب أي شخص آخر معروف في التاريخ.

  1. يجب أن تكون المعجزات مرتبطة بإعلان حق معين باسم الله

ما لم يتم ربط الدعوى الحق بمعجزة، فليس ثمة من وسيلة لمعرفة المعجزة إن كانت تأكيداً للدعوى الحق. وقد رأى نِيقُودِيمُوسُ، رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ، هذه الرابطة، فقال ليسوع: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللهِ مُعَلِّمًا، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ» (يوحنا 3: 2). وقد أشار يسوع إلى الرابطة بين ما يقوله على أنه المسيح وبين معجزاته، فقال: «وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا. حِينَئِذٍ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: قُمِ احْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!» (متى 9: 6). وقد أكد يسوع على الارتباط بين معجزات وإعلانه أنه المسيح عندما أتى إليه تلميذان ليوحنا وسألاه إن كان هو المسيح: «فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ» (متى 11: 4 ـ 5). كما قال بطرس، تلميذ يسوع، عن معلمه: «يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسْطِكُمْ» (أعمال 2: 22). وأشار كاتب العبرانيين إلى العلاقة بين الرسالة والمعجزة، عندما كتب: «فَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصًا هذَا مِقْدَارُهُ؟ قَدِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ بِالتَّكَلُّمِ بِهِ، ثُمَّ تَثَبَّتَ لَنَا مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا، شَاهِدًا اللهُ مَعَهُمْ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَمَوَاهِبِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، حَسَبَ إِرَادَتِهِ» (العبرانيين 2: 3 ـ 4). وبالفعل، بعد قيامته، فإن الآية الكبرى هي أنه كان ابن الله (متى 12: 39 ـ 40)، وقال يوحنا عن يسوع: «وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ...» (يوحنا 20: 30 ـ 31). وبهذا، فإن خدمة يسوع المعجزية كانت مرتبطة مع إعلانه أنه الله.

متى

مرقس

لوقا

يوحنا

 

 

     

2: 1 ـ 11

1

تحويل الماء خمراً.

     

4: 46

2

شفاء ابن الرجل النبيل.

   

4: 30

 

3

هروب يسوع من الجمع الغاضب.

   

5: 6

 

4

إمساك سمك كثير.

 

1: 23

4: 33

 

5

طرد روح شرير.

8: 14

1: 30

4: 38

 

6

شفاء حماة بطرس.

8: 16

1: 32

4: 40

 

7

شفاء مرضى كثيرين.

8: 2

1: 40

5: 12

 

8

شفاء أبرص.

9: 2

2: 3

5: 18

 

9

شفاء مشلول.

     

5: 9

10

شفاء معاق في بيت حسدا.

12: 9

3: 1

6: 6

 

11

شفاء يد رجل مشلولة.

12: 15

3: 10

   

12

شفاء أناس كثر.

8: 5

7: 1

   

13

شفاء خادم قائد المئة.

   

7: 11

 

14

إقامة ابن أرملة من الموت.

12: 22

     

15

طرد شيطان من رجل أعمى.

8: 23

4: 35

8: 22

 

16

تهدئة عاصفة في البحر.

8: 28

5: 1

8: 26

 

17

طرد شياطين إلى قطيع خنازير.

9: 18 ـ 23

5: 22 ـ 35

8: 40 ـ 49

 

18

إقامة ابنة الوالي من الموت.

9: 20

5: 25

8: 43

 

19

شفاء نازفة الدم.

9: 27

     

20

شفاء أعميين.

9: 32

     

21

طرد شيطان من رجل أصم.

14: 13

6: 30

9: 10

1: 6

22

إطعام الـ 5000.

14: 25

6: 48

 

6: 19

23

السير على البحر.

14: 36

6: 56

   

24

شفاء أشخاص كثر.

15: 21

7: 25

   

25

شفاء ابنة رجل أممي.

 

7: 31

   

26

شفاء أصم أخرس.

15: 32

8: 1

   

27

إطعام الـ 4000.

 

8: 22

   

28

شفاء مشلول أعمى في بيت حسدا.

17: 8 ـ 10

9: 2 ـ 8

9: 28 ـ 36

 

29

التجلي.

17: 14

9: 17

9: 38

 

30

شفاء ولد مصروع.

17: 24

     

31

ضريبة الهيكل في فم السمكة.

     

9: 1

32

شفاء رجل مولود أعمى.

   

11: 14

 

33

شفاء رجل أعمى أصم فيه شيطان.

   

13: 11

 

34

شفاء امرأة معاقة.

   

14: 5

 

35

شفاء رجل به داء الاستسقاء.

     

11: 43

36

إقامة لعازر.

   

17: 11

 

37

شفاء عشرة برص.

20: 30

10: 46

18: 35

 

38

شفاء أعميين.

21: 18

11: 12

   

39

ذبول شجرة التين.

   

22: 51

 

40

إعادة أذن الخادم

28

16: 1 ـ 8

24

20

41

قيامة يسوع من الأموات.

28: 1 ـ 7

     

42

دحرجة الملاك للحجر من القبر.

28: 5 ـ 8

16: 5 ـ 7

24: 4 ـ 8

 

43

ظهور الملائكة لمن كانوا قرب القبر.

     

20: 11 ـ 13

44

ظهور ملائكة لمريم.

 

16: 9

 

20: 14 ـ 17

45

ظهر يسوع لمريم المجدلية.

28: 9 ـ 10

     

46

ظهور يسوع للنساء.

 

16: 12

24: 13 ـ 35

 

47

ظهور يسوع لرجلين في الطريق إلى عمواس.

     

20: 19 ـ 23

48

ظهور يسوع للرسل العشرة.

 

16: 14 ـ 18

24: 26 ـ 48

20: 26 ـ 31

49

ظهور يسوع للأحد عشر رسولاً.

     

21: 1 ـ 25

50

ظهور يسوع للرسل السبعة.

     

21: 6

51

التقاط كثرة كبيرة من السمك

28: 16 ـ 20

16: 15 ـ 18

   

52

ظهر يسوع لكل الرسل.

1 كورنثوس 15: 5

53

ظهور يسوع للأخوة الـ 500.

1 كورنثوس 15: 7

54

ظهور يسوع ليعقوب.

سفر الأعمال 1: 3 ـ 5

55

ظهور يسوع لكل الرسل.

سفر الأعمال 1: 6 ـ 9

56

صعود يسوع إلى لسماء.

  1. العنصر التنبؤي يؤكد الطبيعة الخارقة

إن التنبؤات التي ترتبط مع دعاوي الحق تقدم دليلاً إضافياً على أنها من طبيعة فائقة. وهي تزيل اتهامات أن المعجزة ليست مرتبطة بالحقيقة المعلنة. وإلا يمكن أن يظهر أنها حصلت مصادفةً. فعلى سبيل المثال، إن كان معلم مزيف يعلّم على ضفاف نهر الجليل في الوقت الذي كان فيه يسوع يسير على الماء، فهذا لا يجب أن يؤخذ برهاناً على صحة آراء المعلم المزيف. إن آيات يسوع مرتبطة بعظات يسوع؛ وتأكيده الإلهي مرتبط بوحيه الإلهي.

  1. يجب أن تكون المعجزات فريدة

من أجل أن تأتي المعجزات تأكيداً خارقاً على صحة الدعوى، فيجب أن تكون هذه المعجزات لا مثيل لها في أديان أخرى ذات دعاوي معارضة. وكما حاجج ديفيد هيوم عن صواب،[177] أن أحداثاً غير عادية مرتبطة مع إعلانات متعارضة تلغي بعضها. وبالتالي، أن ديناً واحداً يجب أن يكون مؤكداً بشكل فريد على أنه الدين الحق، أكثر من الأديان الأخرى المعارضة التي لا يمكن أن يكون لها نفس النوعية من المعجزات المدعاة بالارتباط مع دعاوي حقيقتها.

إن معجزات المسيح التي أوردتها الأناجيل فريدة. وهي ليست فقط فائقة الطبيعة، ومتعددة، وتنبؤية، ولكن متصلة بدعاويه عن الحقيقة. والأخبار عن تلك المعجزات هي عن معاصرين، وشهود عيان، فصارت أساس ما جاء في الأناجيل. ولا يوجد قط في أي دين مثل هذه الالتقاء الفريد للدليل. وبالفعل، كما ذكر (في الفصل 8) أنه كان يوجد ثلاث مجموعات من التقاء المعجزات في المسيح التي تجعله فريداً. فهو أتم نبوءات خارقة عديدة كانت متعلقة به قبل مئات السنين مسبقاً. وعاش بدون خطيئة وحياة فائقة الطبيعة، وقام بأكثر من 50 معجزة مدونة (انظر أعلاه). وهو تنبأ عن قيامته من الأموات، وحقق نبوءاته. وفي الواقع لا يوجد أي قائد ديني آخر سُجل أنه قام بمثل ذلك. من هنا، جواباً على تحدي هيوم، فنحن نوافق أن الدعاوي عن الحقيقة لأديان متنافسة إن كانت تحمل نفس الأفكار، هذا يلغي الدليل. وفي كل حال، بما أن في الواقع العملي، لا توجد دعاوي للحقيقة منافسة للمسيحية لها تأكيد فائق، فإن المسيحية ـ والمسيحية لوحدها ـ بدعوة الحق الأساسية (حول ألوهية المسيح) هي الدين المبرهن عليه بشكل معجز.

لمَ لا ينظر إلى الأحداث الخارقة في أديان أخرى أنها معجزات؟

من المتعارف عليه وجود قصص عن معجزات في أديان أخرى. وهذا ينطبق على اليهودية، والإسلام، وحتى على أديان غير توحيدية. وبالتالي، يجب فحص هذه الدعاوي للنظر أن كانت مشابهة لدعوى المسيحية التي وردت أعلاه بخصوص البرهان فوق الطبيعي على إعلانات المسيح أنه الله.

إعلانات المعجزة في اليهودية

هنا يجب أن نميز بين اليهودية الكتابية، واليهودية ما بعد الكتابية. اليهودية الكتابية هي الأب الكتابي للمسيحية بما أن المسيح أعلن أنه مسيح الله اليهودي، وهذا الإعلان تثبت بشكل معجز (انظر الفصلين 7 و8). وحتى يسوع أعلن: «لأَنَّ الْخَلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ» (يوحنا 4: 22)، وأنه قد أتى ليتمم الشريعة والأنبياء (لوقا 24: 27). وبالفعل، حقق يسوع ما يقارب من مئة نبوءة في العهد القديم حول المسيح (انظر الفصل 8). وفي العهد الجديد يوجد بشكل حرفي مئات الاقتباسات، والاستشهادات، والإشارات إلى العهد القديم، التي تظهر أن لها جذوراً في اليهودية. وبالتالي، ليس من تعارض بين ما تقول به اليهودية الكتابية والمسيحية بما أن المسيحية تحقق النبوءات الكتابية اليهودية حول المسيح.

اليهودية بعد الكتابية، ترفض يسوع أنه مسيحها، وتتعارض بشكل مباشر مع دعاوي يسوع أنه المسيح الذي أنبأ عنه العهد القديم. وبكل حال، فليس لها معجزات تدعم بها اعتقادها أن يسوع ليس المسيح. وعلاوة على ذلك، لم يظهر على نطاق واسع شخصية مركزية في اليهودية بعد الكتابية (بعد القرن الأول)، مثل موسى، التي أعلن أنه نبي الله وقام بمعجزات لتأييد هذا الإعلان. وبالطبع، ظهر أدعياء مسحاء كذبة (انظر: سفر الأعمال 5: 36 ـ 17)، ولكن لم يقدم أي واحد منهم معجزات معادلة لما قام به يسوع، ولم يحصل أي منهم على اعتراف واسع في اليهودية. وخلافاً لهؤلاء، ليس ثمة في اليهودية بعد الكتابية أي شي فريد تقدمه يمكن حتى مقارنته بعقيدة المسيحية.

ويقدم الريبيون حجة مفادها أن يوسيفوس يسجل في كتابه «الحرب اليهودية» (المكتوب 75 ـ 79 م) معجزات مزعومة حصلت قبل ذلك بفترة وجيزة من عشرة إلى خمسة عشرة سنة (حوالي 66 م)، وإحدها ساطعة كضوء النهار في الثالثة صباحاً: «عن بقرة ولدت حملاً». وأضاف يوسيفوس: «لقد كنت سأرفض هذه القصة باعتبارها تلفيق، لولا أن أكدها شهود عيان، وقد أعقبتها كوراث تحمل دلالات».[178] وبكل حال، خلافاً للمعجزات الكتابية (1) لا يوجد تأكيد على قصة يوسيفوس من مصدر آخر موثوق؛ (2) ولا يوجد أي دعوى حق خلاصية مرتبطة بالقصة؛ و(3) وخلافاً لقصة ولادة يسوع الإنسان من عذراء بشر، فإن هذه القصة تعارض الترتيب الإلهي «لِتُخْرِجِ الأَرْضُ ذَوَاتِ أَنْفُسٍ حَيَّةٍ كَجِنْسِهَا» (التكوين 1: 24).

باختصار، فهذا يتعارض مع طبيعة المعجزات الحقيقية، والتي تأتي ببساطة من أحداث وراء الطبيعة يقوم بها شخص ما، ورغم ذلك، تنتج شيئاً يتناسب مع الطبيعة.[179] فمثلاً، تحويل يسوع الماء إلى خمر وتكثيره الأرغفة، ولكن الطبيعة تقوم بذلك في كل الأوقات ولكن ببطء. وما قام به يسوع هو تسريع العملية الطبيعية. كما لاحظ لويس بخصوص المعجزات الحقيقية: «ليست أي منها معزولة أو شاذة: كل واحدة منها تحمل توقيع الله الذي نعرف من خلال الضمير ومن الطبيعة. وتشهد طرقها على صحتها».[180]

الأديان أخرى غير المسيحية

والعديد من الأديان غير التوحيدية، الأخرى غير الإسلام (انظر فيما بعد)، تدعي أن لها معجزات،[181] ولكنها لا توازي مع ما في المسيحية. فلا كونفوشيوس (551 ـ 479؟ ق. م) أو بوذا (563 ـ 483 ق. م.) ادعى أن نبي من الله. وبقي بوذا لاأدرياً. فهو أعلن فقط عن الاستنارة، وكذلك أعلن كونفوشيوس عن الحكمة. ولم يشجع لاوتسو (604 ـ 531 ق. م.) العجائب.[182] ولا يحمل أي واحد منهم الرؤيا التوحيدية، وبهذا، بما أنه ليست ثمة أحداث فائقة للطبيعة فعلياً ممكنة في هذه العقائد. وفقط، إن كان الكائن الأعلى موجوداً، فهو يتدخل في العالم بشكل فائق (الفصل 4). وبالتالي، فنتيجة لطبيعتها هذه العقائد ليس ثمة معجزات حقيقية موجودة. وبهذا، لا توجد إمكانية للمصادقة الإلهية. وعلاوة على ذلك، بما أن الدليل على التوحيد هو متين (انظر الفصل 3)، فهذا يزيل تلقائياً أن الأديان غير التوحيدية مرشحة لأن تكون ديناً حقاً.

ومع ذلك، فكثير من هذه الأديان لها أفعال شفاء وعجائب، رغم أن مصدرها المزعوم هو الإله الواحدي الوجود أو الشركي. وبكل حال، كما سنرى، فهي لا تُقارن مع الإعلان المسيحي على مستويات مختلفة.[183]

إعلانات المعجزة حول بوذا

ثمة دعاوي متأخرة أن بوذا قام بمعجزات، ويظهر على هذه الدعاوي علامات أنها خرافة لعدة أسباب: أولاً، هذه الروايات متأخرة وليست روايات معاصرين. ثانياً، إن البوذية ليست ديانة توحيدية، ووفق طبيعتها لا تقبل الأعمال الخارقة لأنها ترفض الله الخارق للطبيعة. ثالثاً، لا تحوز هذه المعجزات على عنصر تنبؤي مرتبط بها. رابعاً، ليست مرتبطة بأي دعاوي حق أنها من نبي لله. وأخيراً، هي متعارضة مع إعلانات البوذية نفسها. وكما لاحظ لويس: «ما هو الأمر الأكثر غرابة أن ذاك الذي أتى ليعلمنا أن الطبيعة وهمٌ وأننا يجب أن نهرب منها، سينشغل بأن يقدم أثراً على مستوى الطبيعة ـ ذاك الذي أتى لإيقاظنا من الكابوس سيضيف شيئاً إلى الكابوس».[184]

المعجزات المعلنة بخصوص هاري كريشنا

أحد أكبر الرؤساء الدينيين في العالم الذي نُسبت إليه معجزات، ولم يزعم في أي منها أنه أكثر من نبي. وليس فيها إعلان إنه الله في لحم بشري. فهذا أمر فريد في المسيحية. وبكل حال، فإن بعض أشكال الهندوسية، مثل هاري كريشان، قالت إن كريشنا كان تجسيداً لله. ويفتقر هذا القول لجملة أشياء فريدة بالمسيحية: (1) إن كريشنا لم يكن تجسيداً لله الحقيقي ـ الله الواحد. (2) لا يوجد أي روايات عن معجزات متعددة قام بها كريشنا لتأييد مثل هذه الدعوى. (3) ليس ثمة نبوءات محددة متعددة قديمة قام كريشنا بتحقيقها. (4) لم يعش كريشنا حياة خالية من الخطيئة. (5) لم يقم كريشنا بالتنبؤ وتحقيق ذلك عن قيامته الجسدية من بين الأموات كما فعل المسيح. وبهذا فليس ثمة من مقارنة عملياً مع هذه الإعلانات والمصادقة بخصوص المسيح. وإعلانات «المعجزة» الهندوسية هذه لا يمكن أن تكون حقاً، أي أنها فعل خارق لله الواحد (انظر الفصل 4)، بما أن هذه الديانة لا تؤمن بمثل هذه الإله. بالفعل، إن كان الله الواحد موجوداً، كما ظهر سابقاً (الفصل 3)، فكلام الهندوسية يصبح مجرداً من الأهلية بشكل مباشر. لأن دعوتها الرئيسة عن الله هي دعوى باطلة، ولهذا لا يمكن أن تكون ديناً حقاً. بل أن الهندوسية ليس لها الحقيقة عن الله، فضلاً عن الأشياء المتعلقة به.

المعجزات المعلنة بشأن بليناس الحكيم (حوالي 98 م)

يعتقد البعض أن بليناس الحكيم أعلن أنه ابن الله وأنه كان لديه قدرة القيام بمعجزات برهاناً على ما يقوله. ويسجل فيلاستراتوس في كتابه: «حياة بليناس» قصص معجزات بعد الموت، بما فيها ظهورات بليناس الحكيم وتأليهه (تمجيده). ولكن عندما يتم فحص الدليل بعناية يظهر أن ذلك لا يؤيد هذه الدعوى.[185]

أولا، إن سيرة بليناس التي كتبها فيلاستراتوس تنتهي بموته. وبينما سير يسوع لا تنتهي بموته؛ بل تُختم بقيامته (متى 28؛ مرقس 16؛ لوقا 24؛ يوحنا 20 ـ 21).

ثانياً، لا يوجد أي شيء فائق للطبيعة في سيرة حياة بليناس، لا في دعاويه للألوهية أو المعجزات التي قام بها للتدليل على مثل هذا إعلان. وقصص معجزات ما بعد الموت ليست جزءاً من سيرته. بل تُسمَّى «قصصاً» ببساطة من جانب فيلاستراتوس: كاتب سيرته. وفي الواقع هي أساطير متأخرة.

ثالثاً، إن كتاب فيلاستراتوس هو المصدر الوحيد الموجود عن حياته. وبالتالي، فموثوقية هذه الرواية ليست مؤكدة. أما في حالة يسوع، فلدينا روايات متعددة لشهود عيان معاصرين لحياته، وموته، وقيامته.

رابعاً، المصدر المزعوم لهذه القصص، هو داميس، الذي يرجح أنه لم يكن شخصاً حقيقياً، ولكن اختلق كوسيلة أدبية. وقد قال جميس فرجسون أن «إن فيلاستراتوس صرح أنه اكتشف وثيقة تعود لشخص يُدعى داميس الذي هو مصدره، لكن مثل هذه الاكتشافات هي مخزن بضائع القصص الرومانسية التاريخية، ولا يمكن أن نضع ثقتنا على داميس».[186] وبكل حال، هو يزعم فيلاستراتوس أن داميس قد جاء من نينوى، المدينة التي لم تكن موجودة في عصره. ولا يوجد في أماكن أخرى أساس واقعي للقصص. وعلى العكس، فروايات الإنجيل عن يسوع تقدم دلائل تاريخية متنوعة قابلة للتحقق من دقتها (انظر الفصل 6).

خامساً، إن أسلوب الكتابة الذي أورده فيلاستراتوس كان أدباً شعبياً من الفترة المسماة «الرواية الرومانسية»، أو «الرواية الرومانسية الخيالية». ولا يجب أن يؤخذ حرفياً أو تاريخياً. إذ تتكشف الحبكة عن مواقف مصطنعة؛ وهي تحتوي على تفاصيل غريبة وتصاوير لأعمال فنية، كما تحتوي على خطابات مطولة لشخوص فيها. ومن ناحية الأخبار، فالرواية تحتوي على عدم دقة جغرافية وتاريخية. مثلاً، نينوى وبابل اللتان كانتا قد دُمرتا قبل ذلك بـ 300 سنة. كما قيل إنّ جبال القوقاز تقع في المنطقة الفاصلة بين الهند وبابل، وهو الأمر الخاطئ. كما أن خطابات فيلاستراتوس موضوعة على لسان بليناس بطريقة لا تتناسب مع عصر بليناس (من كتاب: «سير السفسطائيين»).

سادساً، لم يكن فيلاستراتوس شاهد عيان، ولكن كان مكلفاً بكتابة هذه العمل من جانب جوليا دومنا، زوجة الإمبراطور الروماني سيبتيموس، وبعد موت بليناس بـ 120 سنة. وبعد أن ازدادت الأساطير. وخلافاً للأناجيل، ورسائل بولس المتفق عليها، التي هي كثيرة، ومروية من طرف شهود عيان، ومعاصرين للروايات، ومكتوبة بعد عقود قليلة عن الأحداث (والتي لا تترك وقتاً كافياً لتطور الأساطير).

سابعاً، إن الدافع المحتمل لنشر عمل فيلاستراتوس كان الرغبة في مواجهة تصاعد تأثير يسوع. وقد قال أحد المؤرخين: «لقد كانت (جويا دومنا) هي التي شجعت فيلاستراتوس على جمع المادة عن حياة بليناس من طوانه لكي تكون ضربة مضادة ليسوع».[187] وقد قال آخر، بما أنها كانت على وشك أن تصبح كبيرة كهنة الوثنية الهلنستية، «فإنها أدركت الحاجة لإيجاد شخصية تاريخية ملائمة تكون دعاية مضادة لهدم الأناجيل، وبهذا، كانت تسعى على الخصوص إلى إحياء ذكرى بطل في سير الأبطال الوثنيين، بليناس من طوانه».

ثامناً، إن قصص المعجزات المتصلة ببليناس متناقضة. بعضها تقول إنه مات في أفسس، وأخرى في ليندوس أو في كريت، وأنه ظهر لاحقاً. وظهور واحد سُجل في فيلاستراتوس. وهذا الظهور كان لرجل نائم، في رؤية بعد 200 سنة من حياة بليناس (273 م). وقال آخرون أنه لم يمت بل تم تأليهه لأنه اختفى عن الأنظار.

وأخيراً، ثمة اختلافات هامة بخصوص ما يُقال عن بليناس الذي تم تأليهه، وبين يسوع الذي كان الألوهية نفسها. إن تأليه بليناس معروف على أنه تمجيد، وهي عملية يصبح فيه الإنسان إلهاً. وفي حين أن تجسد يسوع عملية صار فيها اللهُ بشراً (يوحنا 1: 1، 14؛ 1 تيموثاوس 3: 16). وإضافة لذلك، فإن مفهوم «االله» مختلف. فالمسيح كان الله بمعنى الواحدي. بينما الدعوى بشأن بليناس تجعله إلها في معنى وثني.

والخلاصة، لا يوجد من مقارنة بين بليناس وبين الإعلانات عن المسيح. فأولاً، ليس ثمة دعاوي أنه الله الواحد. ثانياً، ليس ثمة معجزات معاصرة متعددة تؤكد هذه الدعاوي عن بليناس. وثالثاً، ليس ثمة نبوءات مرتبطة بهذه الدعاوي. وأخيراً، هناك ما يدل على الأصل الأسطوري للقصة التي لدينا عن بليناس.

المعجزات المعلنة لنبي الإسلام محمد

إن أقرب منافس لدعاوي المسيحية ـ مقارنةً بأي شخصية دينية رئيسية ـ نجده في الإسلام. إذ أعلن المسلمون أن محمداً نبيٌّ من الله، وقالوا بوجود أحداث فائقة الطبيعة تؤكد هذا. وبالتالي، من الضروري فحص هذه الدعاوي. ونحن لا نجد في القرآن أن محمداً قدم قط معجزات برهاناً على أنه نبي. وحتى عندما تحداه الكفار للقيام بمعجزة (آل عمران 3: 181 ـ 84). ومع ذلك نجد أن قصص معجزاته تملأ الكتب الإسلامية. وهذه المعجزات المنسوبة لنبي الإٍسلام محمد تقع في ثلاث فئات رئيسة: تلك التي سجلها القرآن، وتلك النبوءات الفائقة الطبيعة المزعومة لنبي الإٍسلام محمد في القرآن، وتلك الموجودة في كتب الحديث.

الإعلانات العامة عن المعجزات

يورد مسلمون كثيرون نص «وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ» (الأنعام 6: 35) ليقولوا إن نبي الإسلام محمد كان قادراً على أن يأتي بآية. ولكن، يظهر التحليل الدقيق أن هذا النص لا يدعم إعلان أنه كان قادراً على القيام بمعجزات. أولاً، فعبارة «فَإِنِ اسْتَطَعْتَ...» لا تفيد معنى أن النبي محمد كان قادراً. ثانياً، إنه حتى الآية تتضمن أنه ما كان بوسعه أن يأتي بمعجزات. وإلا كيف نفسر أنه رفض أن يقوم بالمعجزات؟ فلو أمكنه أن يقوم بمعجزات، لقدر أن يكف عنه إعراضهم. وعلاوة على هذا، رفض نبي الإٍسلام محمد أن يقوم بمعجزات عندما كان يُطلب منه ذلك، وما كان يقدمه هو «الوحي» آيةً على أنه من الله.[188] (انظر أدناه).

الدعوى عن انشقاق القمر

يقول الكثير من المسلمين إن القرآن (القمر 54: 1 ـ 2) أشار إلى انشقاق القمر بأمر نبي الإٍسلام محمد، إذ بينما كان نبي الإسلام محمد أمام الكفار، انقسم القمر إلى جزئين كما بينت الآية: «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ. وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ». وهنا لدينا مجدداً مجموعة من الصعوبات مع هذا التفسير. أولاً، لم يرد ذكر نبي الإسلام محمد في النص. ثانياً، القرآن لا يسمى ذلك «معجزة» فعلية كما وردت، بل يشير إلى «آية». ثالثاً، لو كانت معجزة، لكان هذا النص متعارضاً مع نصوص أخرى أعلنها نبي الإسلام محمد أنه لم يعمل معجزات مثل هذه (آل عمران 3: 181 ـ 184). رابعاً، هذا النص هو أبكر من أي نص أخر طلبَ فيه الكفار معجزة. خامساً، أن آية كونية مثل ذلك ستكون مرئية على مستوى العالم، ولكن ليس دليل على أنها حصلت. سادساً، وحتى بعض العلماء المسلمين الآخرين يقولون إنها تتعلق بالبعث يوم القيامة. إذ يؤكدون على أنّ «السّاعة» تشير إلى نهاية العالم. وأن صيغة الماضي هنا هي للتعبير عن مستقبل متنبأ به.

الدعوى بصدد جمالية القرآن الفائقة

غالباً ما يحاجج المسلمون أن القرآن معجزةٌ لأنه يتمتع بجمال أدبي فريد. وبكل حال، فهذه الحجة تخفق في البرهان لعدة أسباب. أولاً، اللغة الجميلة ليست حدثاً خارقاً بشكل حقيقي. إذ لم يتم تعليق أي قانون طبيعي. ثانياً، إن الجمال ليس اختباراً للحق. إذ يمكن التعبير عن الحق بشكل أقل أناقة، ويمكن أن يُعبر عن الباطل بشكل رشيق. ثالثاً، وكون نبي الإسلام محمد لم يكن لديه تعليم رسمي، لا يعني أنه كان عاجزاً عن الكلام بعبارات جزلة. رابعاً. نبي  الإٍسلام محمد لم يكتب فعلياً القرآن. بل تلاه شفوياً، ولاحقاً تم كتابته وتحريره من جانب الخليفة الثالث للمسلمين، عثمان. خامساً، ولو أخذنا هذا المعيار فيجب أن نعتبر أعمال هوميرس وشكسبير أعمال مُوحاة بها. وأخيراً، ثمة أجزاء عديدة في القرآن ينقصها الجمال اللغوي (انظر: س. ج. بفاندر، «ميزان الحق»). ولكن لن نجد مسلماً يقول عن هذه الأجزاء أنها ليست وحياً من الله.[189]

صعود نبي الإٍسلام محمد المزعوم للسماء

إن القصة المعروفة باسم الإسراء والمعراج: «الرحلة الليلية». ويعتقد كثير من المسلمين أن نبي الإسلام محمد بعد أن انتقل إلى القدس، صعد إلى السماء على ظهر دابة. وفي سورة الإسراء (17: 1)، نقرأ: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا». وتتوسع التقاليد الإسلامية بشرح هذه الآية، فتقول إن نبي الإسلام محمد صعد إلى سبع سموات برفقة جبريل، وأن كبار الشخصيات ألقت عليه السلام (آدم، يوحنا، يسوع، يوسف، أخنوخ [إدريس]، هارون، موسى، وإبراهيم)، وهناك ساوم الله بخصوص فرض الصلاة خمسين مرة ونجح في جعلها خمس مرات.

ولا يوجد من سبب يجعل الآية متعلقة برحلة فعلية إلى السماء؛ وحتى الكثير من العلماء المسلمين لا يعتبرونها كذلك. فالمترجم البارز للقرآن، عبد الله يوسف علي، علق على هذه الآية، فقال: «أنها تبدأ مع رؤية صوفية لصعود النبي الأكرم؛ وأنه انتقل من المسجد المبارك (في مكة) إلى المسجد الأقصى (في القدس) ليلاً ورأى آيات الله». وحتى حسب أقدم الأحاديث الإسلامية عن زوجة النبي محمد، عائشة، التي قالت: «ما فقدت جسد رسول الله ولكن أُسري بروحه».[190]وبالإضافة إلى ذلك، حتى لو فهمنا هذه الآية أنها معجزة مدعاة، فليس من دليل موجود يبرهن على موثوقيتها. فهي تفتقر إلى قابلية الاختبار، وليس لها قيمة البرهان.

أخيراً، وفق تعريف الإسلام الخاص لتأكيد المعجزة، فهذه القصة ليست لها وزن دفاعي. فحسب علماء مسلمين أنفسهم، فالمعجزة تؤكد على صدق النبي (1) وهي فعل الله، ولا يمكن أن يقوم به مخلوق، (2) يجب أن تكون خلاف المسار الاعتيادي للأشياء في صنفها، (3) تهدف إلى البرهنة على صدق هذا النبي، (4) يسبقها الإعلان عن المعجزة القادمة، (5) تسير وفق نفس النمط التي أعلن عنها، (6) تجري فقط على يدي النبي، (7) لا يجب أن تنكر نبوءة محمد، (8) مصحوبة بتحدي الإتيان بمثلها، و(9) لا يمكن أن يقوم بمثلها أي شخص حاضر. وبكل حال، ليس لدينا البرهان في الآية على «معجزة الإسراء المعراج»، أو حتى ما يلبي الحد الأدنى من هذه الشروط.

الدعوى بالانتصار الخارق في بدر

معجزة أخرى تنسب إلى محمد هو الانتصار في بدر (آل عمران 3: 123؛ الأنفال 8: 17). وفي سورة المائدة (5: 11) نقرأ: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ! اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ». وحسب التفاسير الإسلامية، فإن معجزات عدة حصلت هنا، وأهمها أن الله أرسل آلاف من الملائكة للمساعدة في القتال (ومن المعتقد أنه جرى معرفة هذه الملائكة بالعمائم التي كانت تلبسها) والإنقاذ العجائبي لمحمد من محاولة قتله على يد أحد المشركين. وتحكي إحدى الروايات كيف نثر محمد قبضة من التراب على جيش المكيين لكي تعمى أبصارهم ويفرون.

في الرد على دعوى هذه المعجزة يجب ملاحظة التالي. أولاً، أنه لأمر مشكوك فيه إن كل هذه الآيات تشير إلى نفس الحدث. وحتى أن كثيراً من العلماء المسلمين يعتقد أن سورة الأنفال (8) تتحدث عن حدث آخر ويجب أن تؤخذ على أن الله يلقي الرعب في قلوب أعداء نبي الإسلام محمد. ويرى البعض أن سورة المائدة (5) تشير إلى حدث أخر، على الأرجح محاولة اغتيال محمد[191].

ثانياً، تذكر سورة آل عمران (3) معركة بدر فحسب، ولا تقول إنها معجزة. فهي بأفضل تقدير تظهر الحماية الإلهية لمحمد، ولا تتكلم عن حدث خارق. وكما أنها لا تتحدث عن معجزة تؤكد دعاوي محمد النبوية بما أنها ليست دليلاً ينطبق عليه المقاييس التسعة للمعجزة.

ثالثاً، كما أشار نقاد عديدون، كان انتصار بدر آية على التأكيد الإلهي، فلماذا لا يكون الحدث اللاحق المتمثل في هزيمة أُحد دليلاً على رفض الله. إذْ كانت هزيمة أُحد منكرة جداً، حيث جرحت شفتي محمد وكسرت اثنتين من أسنانه. وبالإضافة لذلك، تعرض قتلى مسلمون إلى تشويه الأعضاء في ساحة المعركة من العدو. وأحد أعداء نبي الإسلام محمد قطع أنوف وآذان القتلى كي يعمل منها سلسلة وقلادة. ولم ينظر المسلمون إلى ذلك على أنه دلالة على الغضب الإلهي.

أخيراً، لم يكن نبي الإسلام محمد أول قائد عسكري انتصر في معركة هامة على قوات أكبر منه. فحرب الست أيام الإسرائيلية ـ العربية سنة 1967 كانت واحدة من أكثر المعارك في التاريخ الحديث سرعةً وحسماً. ومع ذلك لا يعتبره أي من المسلمين أنها علامة على محاباة إلهية لإسرائيل ضد العرب (مصر).

الزعم بشق الصدر محمد

حسب الرواية الإسلامية، بعد ولادة محمد (أو قبل معراجه)، قام جبريل بشق صدر محمد. واخرج قلبه منه وتطهيره، ثم ملئه بالحكمة، وأعادته إلى صدر النبي مجدداً. ويستند هذا التفسير على النص القرآن «أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ؟ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ؟... وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ» (الشرح 94: 1 ـ 2، 8).

وبكل حال، فإن أكثر العلماء المسلمين المحافظين ينظرون إلى هذا النص على أنه يصف حالة القلق التي عاشها محمد في السنوات المبكرة في مكة. ويقول عبد الله يوسف علي، مفسر القرآن: «إن الصدر هنا هو مستقر المعرفة رمزياً وأشد درجات شعور المحبة والعاطفة».

دعوى وجود نبوءات خارقة في القرآن

يقدم بعض المسلمين نبوءات في القرآن برهاناً على قيام محمد بمعجزات. ولكن الدليل ليس مقنعاً. فالسور التي يُستشهد بها، والتي يقولون إن محمداً تنبأ بانتصار جيوشه. ولكن ما قيل إنها تنبؤات خارقة وهي ليست من هذا الصنف على الإطلاق. فمن هو القائد العسكري الديني الذي لن يقول لجيشه «أن الله معنا، وسننتصر. فقاتلوا». علاوة على ذلك، لنتذكر أن نبي الإسلام كان يُعتبر «نبي السيف»، حيث جاء عدد كبير من الناس أصبحوا مسلمين بعد أن تخلى نبي الإسلام عن الوسائل السلمية التي لم تنجح في نشر رسالته، وبالتالي لن يكون مدعاة للعجب أن يتنبأ بالنصر. وإن أخذنا بالاعتبار حماسة القوات الإسلامية، التي كان القرآن وعدها بالجنة (الحج 22: 58 ـ 59؛ آل عمران 3: 157 ـ 158، 170 ـ 171)، فلن يكون مفاجئاً أنهم حققوا انتصارات. ولن يدهشنا أن كثيرين «أسلموا» إن أخذنا بعين الاعتبار أمر نبي الإسلام محمد: «إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» (المائدة 5: 33).

والنبوءة الوحيدة اللافتة للنظر في القرآن متعلقة بانتصار الروم على الجيش الفارسي في إسوس (الروم 30: 2 ـ 4)، إذ ورد في القرآن: «غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ». وبكل حال، يظهر الفحص الدقيق، أشياء عديدة تجعل من هذه النبوءة أقل إثارةً، ولا تظهر خارقة:

(1) حسب المفسرين، فإن «بضعة سنين» تعني من ثلاث إلى تسع سنوات، ولكن البعض حاجج بأن النصر لم يأت قبل ثلاثة عشر إلى أربعة عشرة سنة من النبوءة. وقد كانت هزيمة الرومان سنة 614 أو 615 عندما استولى الفرس على القدس. والهجوم المضاد لم يبدأ قبل سنة 622، وتحقق النصر سنة 625. وهذا يعني أنه حدث بعد 10 ـ 11 سنة، وليس بقدر «بضعة» سنين كما قال محمد.

(2) وفي مصحف عثمان[192]، والذي كان خالياً من التنقيط (وقد أضيف التنقيط بعد ذلك بكثير) فإن النبوءة جاءت: <غُلِبَتِ الرُّومُ... سَيَغْلِبُونَ...>، حيث فعل <غُلِبَتِ> بصيغة المبني للمفعول، وحسب الشارحين يشير النص إلى هزيمة الروم على يد الفرس سنة 5 قبل الهجرة، وفي قراءة ثانية ورد: «غَلَبَتِ الرُّومُ... سَيُغْلِبُونَ»: حيث الفعل الأول بصيغة الفاعل، وهي حسب التفاسير تحكي عن خبر وصل المسلمين بعد معركة بدرٍ (2 هـ/ 624 م) بأن الروم انتصروا على الفرس وأن الآية تبشر المسلمين أن الروم سيلقون هزيمة على يديهم، وبالتالي لدينا خلاف في الحيثيات التاريخية وطبيعة الوعد (فهل سينتصر الروم أم سينهزمون؟) وخلاف آخر في تاريخ الآية، هل 5 قبل الهجرة أم 4 بعد الهجرة؟

(3) وحتى لو أزلنا هذا الغموض، فالنبوءة أقل إثارة لأنها لم تكن بعيدة المدى، وليس مما يدخل في نطاق غير العادي. إذا يمكن للمرء أن يتوقع أن الرومان المنهزمين كانوا سيقومون بهجوم مضاد لتحقيق النصر. والأمر يحتاج إلى بعض الانتباه في قراءة مسارات الأحداث للتنبؤ بمثل هذا الحدث. وفي أفضل الحالات، يمكن أن يكون تخميناً حصيفاً. ولا وجود أساس كافٍ لاعتبارها خارقة.

أخيراً، أن النبوءة الوحيدة المزعومة الموجودة في القرآن: «وَلَيَالٍ عَشْرٍ» (الفجر 89: 2)، الذي يقول البعض أنها تتنبأ بعشرات سنوات على اضطهاد المسلمين الأوائل. ولكن هذا التفسير بعيد الاحتمال، بحيث أن عالم إسلامي كبير ومترجم القرآن، عبد الله يوسف علي قال: «وَلَيَالٍ عَشْرٍ تفهم بالعادة على أنها الليالي العشر الأولى لشهر ذي الحجة، في الوقت المقدس للحج».[193] وهنا ليس ثمة أي نبوءة قاطعة بشكل واضح بحيث تكون حجة للمستمع الذكي يقتنع أنها نبوءة مسبقة على حدث لاحق. وهذا الاستخدام للنبوءات عن المستقبل من جانب المسلمين يظهر إلى أي حد كانوا يجاهدون لإيجاد شيء خارق لتأييد القرآن.

إذاً، لا يوجد دليل على أن نبي الإٍسلام كان يحوز على موهبة خارقة في التنبؤ. والنبوءة المزعومة هي غامضة ومحل نقاش. ومن السهل أن يتم قراءة هذه المعاني بعد الحدث وليس قبله. ولو كان نبي الإسلام محمد يحوز على قدرة توقع المستقبل بشكل خارق للطبيعة، لكان بالتأكيد سيستعملها في سحق معارضيه. ولكن لم يقم قط بذلك، بل أنّه صرح أنه لم يعمل معجزات كما كان عمل الأنبياء الذين قبله، بل ببساطة قدم القرآن على أنه معجزته الخاصة. بالإضافة إلى ذلك فمحمداً لم يقدم المعجزات المنسوبة له على أنها دليل نبوته. وعلى النقيض من ذلك، فإن يسوع، قدم مراراً قدرته على القيام بمعجزات برهاناً على أنه كان المسيح، ابن الله (انظر أعلاه).

المعجزات المدعاة في كتب الحديث

إن غالبية المعجزات المنسوبة لنبي الإٍسلام محمد ليس لها أساس في القرآن. وبالفعل، فنبي الإٍسلام محمد يرفض مراراً في القرآن القيام بمعجزات لتأكيد دعاويه النبوية، ويظهر أنه اعتبر القرآن معجزته الوحيدة. والغالبية العظمى من المعجزات المنسوبة له موجودة في كتب الحديث، التي يرى المسلمون إنها المصدر الثاني بعد القرآن مباشرة. وثمة مئات من قصص المعجزات هذه في كتب الحديث. وذكر بعضها سيوضح المسألة.

يخبرنا البخاري قصة معجزة شفاء رجل مكسورة لأحد الصحابة، عَبْدِ اللّهِ بنُ عَتِيكِ، الذي جرج لدى محاولة اغتيال أحد أعداء نبي الإسلام محمد. وتحكي مصادر عدة قصة نبي الإٍسلام محمد الذي تمكن بمعجزة أن يوفر الماء لعشرة آلاف من جنده في الحُدَيبيّة، إذ وضع يده في إناء، فجعل الماء يخرج من بين أصابعه. وكما توجد قصص مختلفة قام بها نبي الإٍسلام بتوفير الماء. ولدينا حالة تحويل الماء إلى حليب. وفي قصص مختلفة نجد أشجاراً كلمت نبي الإٍسلام، وحييته أو أفسحت له الطريق. في إحدى هذه القصص كان نبي الإسلام محمد يبحث عن مكان لقضاء الحاجة، فأتت شجرتان لتواريه، وابتعدتا إلى مكانهما بعد أن انتهى من الأمر. وفي إحدى روايته قال البخاري أن محمداً استند إلى شجرة، ولما غادر المكان شعرت الأشجار باشتياق له. ويوجد قصص عديدة عن ذئاب وحتى جبال ألقت التحية على نبي الإسلام. وفي بعض القصص العجائبية ورد أنه أطعم عدداً كبيراً من الناس بقليل من الطعام. وأخبرنا أنس قصة إطعام نبي الإسلام محمد ما بين ثمانين إلى تسعين شخصاً ببضعة أرغفة من الشعير. وروى ابن سعد قصة امرأة دعت محمداً للغداء. فقام باصطحاب ألف شخص معه وهناك كثَّر الطعام القليل بحيث أطعم الجميع. وتروي كتب الأحاديث قصص معجزات نبي الإسلام بالتعامل مع أعدائه. فذات مرة قام بلعن أحد أعدائه فسقط حصان العدو على بطنه في أرض صلبة. ويقول سعد أن نبي الإسلام حوّل ذات مرة غصن شجرة إلى سيف معدني.

أسباب كثيرة لرفض المعجزات الواردة في كتب الحديث

ثمة أسباب كثيرة تضع موثوقية هذه القصص موضع التساؤل. أولاً، إن مجموعات الحديث هذه، وكما هو متعارف عليه من جانب أغلب المسلمين، قد جُمعت بعد أجيال عدة عن الأحداث الأولى. وبالفعل، فأغلب قصص المعجزات المذكورة مرت عليها من مئة إلى مئتي سنة بعد الأحداث، وهذا يعني أن الكثير من الأساطير قد نمت حول القصص الأصلية. وهي ترتكز على قصص تناقلها الرواة شفوياً جيلاً بعد جيل مع الكثير من الزخرفة. وحتى القصص المقبولة من جانب المسلمين على أنها صحيحة، فلو أخذنا معيار الإسناد (سلسلة الرواة)، فسوف يظهر أنها تفتقد للمصداقية. وحتى أن هذه القصص لا ترجع إلى شهود عيان، بل لأجيال رواة عديدة، وغالباً ما تصل إلى مئات. ولهذا يطرح المستشرق الكبير جوزيف هورفيتس سؤالاً عن مصداقية الإسناد.

من الممكن بسهولة الإجابة على سؤال من هو أول من روى قصص المعجزات هذه لو تمكنا من النظر إلى الإسناد، أو سلسلة الشهود، على أنه أمر لا غبار عليه كما يفترض بنا أن نفعل. وأنه بالخصوص لأمر مغرٍ عندما يرد خبر في مختلف الروايات المتشابهة أساساً... وبالعموم، لا يسمح لنا الإسناد أن نقرر إن كانت القصة مأخوذة من رواية شفوية أو منسوخة من تسجيلات محاضرات المعلمين.

وعلى على ذلك، فالبخاري، الذي ينظر إليه على أنه أكثر جامعي الحديث موثوقية، أقرّ أنه جمع (300 ألف) حديث، واعتبر فقط (100 ألف) حديثاً صحيحاً. وبعد ذلك قلّص العدد إلى (7275) حديث، وبعد إزالة المكرر منها، صار العدد الفعلي (3000)، مما يعني أنه اعتبر أكثر من (295000) حديثاً غير صحيح!

وأكثر من ذلك، ليست أي من هذه القصص في القرآن. والواقع، هذه القصص تخالف بشكل كامل ما في القرآن، الذي يظهر كيف أن نبي الإسلام كان يرفض مراراً أن يقوم بمثل هذه المعجزات للكافرين (آل عمران 3: 181 ـ 184؛ النساء 4: 153؛ الأنعام 6: 8 ـ 9).

إضافة إلى هذا، فهذه المعجزات المزعومة تسير على نفس نسق معجزات المسيح في الكتب المنحولة التي جاءت بعد موته بقرن أو قرنين. فهي كانت زخرفات أسطورية لأناس كانوا بعيدين عن الأحداث الحقيقية. ولم تصدر من شهود عيان معاصرين للأحداث.

إضافة إلى هذا، أنه لا يوجد اتفاق عام بين المسلمين بشأن قائمة المعجزات في كتب الحديث. وبالفعل، فإن الغالبية العظمى من القصص في كتب الحديث مرفوضة من جانب معظم العلماء المسلمين على أنها ليست صحيحة. وكل فريق من العلماء يقبل مجموعة مختلفة من القصص عن الفريق الآخر.

وعلى ذلك، لا توجد مجموعة قانونية واحدة لهذه القصص مقبولة من كل المسلمين. ويرتب المسلمون مصداقية هذه المجموعات على الترتيب التنازلي التالي: صحيح البخاري (ت. 256 هجرية)؛ صحيح مسلم (ت. 261 هجرية)؛ سنن أبي دواد (ت. 275 هجرية)؛ سنن الترمذي (ت. 279 هجرية)؛ سنن النسائي (283 هجرية)؛ وسنن ابن ماجه (ت. 303 هجرية). وبجوار كتب الحديث هذه، ثمة سير هامة روت قصص هذه المعجزات. وأكثرها أهمية هي كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد (123 هجرية)، وسيرة ابن إسحاق (ت. 151 هجرية)، وسيرة ابن هشام (ت. 218 هجرية). وكتب الحديث أعلاه رفضها الشيعة. ولكنهم مع بقية المسلمين يقبلون بالقرآن. وأخيراً، فإن الأمر الأكثر أهمية بصدد قصص المعجزات هذه أنها لا تنطبق عليها معايير المعجزات التسعة المقبولة من جانب المسلمين لتأكيد معجزات النبي. وبالتالي، فحسب المعايير الإسلامية نفسها ليست لأي من هذه القصص من لها قيمة دفاعية في إظهار أن الإسلام هو الدين الحق.

وأخيراً، فإن أصل دعاوي المعجزات محل شك. وأنه لأمر معروف أن الإسلام اقتبس الكثير من العقائد والممارسات من أديان أخرى. وقد وثق علماء كثر هذا الأمر. وليس مدعاة للاستغراب أن المعجزات التي قال بها المسلمون جاءت رداً على ما قام به المدافعون المسيحيون الذين أظهروا رفعة يسوع على نبي الإسلام من خلال معجزات يسوع. وفقد أشار أسقفان مسيحيان (أبو قرة من أورفة وأرِثاس من قيصرية) إلى أن قصص المعجزات في الأدب الإسلامي بدأت آنذاك تظهر. وقد لاحظ ساهاس: «يُفهم [من تحدي الأسقف] إن تعاليم محمد ربما كان لها مزايا، ولكنها هذا لا يمنح محمداً الأهلية كنبي بدون آيات خارقة. وإن كان بالإمكان البرهنة على هذه المعجزات، فمن المحتمل أن يتم قبوله كنبي». وبهذا لكي يتم منافسة الدعاوي المسيحية، كانت هناك حاجة باختلاق معجزات للرد على التحدي المسيحي. وعندها بدأت قصص معجزات نبي الإِسلام محمد تظهر. ويلفت ساهاس النظر إلى: «أنه لأمر شيق أن عدة من هذه (قصص المعجزات) يظهر أنها جاءت رداً على مسيحيين أمثال أبي قرّة، وهذا القصص كانت تحمل تشابهاً مذهلاً مع معجزات يسوع الواردة في الأناجيل». وبالمثل، فخلال هذه الجدل بدأ المسلمون في تفسير بعض الإشارات في القرآن على أنها معجزات. وكل هذا يشير إلى النتيجة: إنه ينقص قصص معجزات نبي الإٍسلام محمد المصداقية.

ما يُعتقد أنها معجزة القرآن

يرى كثير من المسلمين أن القرآن هو معجزة نبي الإسلام محمد. ويؤكدون أن شخصاً أمياً كمحمد لا يمكن أن يأتي بكتاب مثله بتلك الجزالة الأدبية. وهذه الحجة تفشل في البرهنة على مرادها. فالرائعة الأدبية ليست معجزة. لأنه لم يتم تعطيل قانون طبيعي. ثانياً. نبي الإٍسلام محمد لم يكتب القرآن. بل تلقى الرسالة شفوياً. وتمت كتابته من جانب آخرين، وحرره الخليفة الثالث عثمان بعد موت محمد. ثالثاً، أظهر بعض النقاد أن القرآن ليس قطعة أدبية، بل يحتوي على جملة مخالفات قواعدية. رابعاً، يمكن لشخص غير متعلم أن يكون له مواهب بلاغة. خامساً، الجمال ليس اختباراً للحق. إذ يمكن أن يتم التعبير عن الأمر الخاطئ بشكل جميل، ويقدم الحق بشكل أقل تأنقاً. سادساً، لو أخذنا الجمالية الأدبية معياراً لأن يكون المكتوب كلمة الله، لكانت أعمال شكسبير وهوميروس موحي بها من الله.[194]

نتائج بخصوص دعاوي المعجزات الإسلامية

ثمة عدة أسباب تجعل هذه المعجزات المزعومة خالية من قيمة البرهنة على أن نبي الإسلام هو نبي الله، فضلاً عن السعي لوضعه على مستوى المسيح الذي أعلن عن نفسه أنه ابن الله. أولاً، أن أغلب قصص المعجزات الإسلامية ليست لها أصل في القرآن (الذي يُنظر إليه لوحده أنه المُوحى به من الله). وبالتالي، ما يحتاجه المسلمون هو المرجعية الإلهية لمثل هذا القول إن القرآن هو المعجزة.

ثانياً، إن هذه القصص المرتكزة على التقاليد الإسلامية هي محل شك. وينقصها روايات الشهود العيان، وتحتوي على تناقضات، وبالتالي، تنقصها المصداقية. أن غياب هذه الأحداث في القرآن، حينما كان نبي الإسلام محمد يتعرض للتحدي بشكل دائم لتأكيد نبوته بالمعجزات، هو الدليل المتين على أن حجة معجزة القرآن ليست أصلية. وبالتأكيد، لو كان نبي الإسلام قادراً على إفحام نقاده بالتأييد الخارق للطبيعة، لكان فعل ذلك، وهو لم يقم بذلك، رغم أنه تعرّض للتحدي في مناسبات عديدة.

ثالثاً، لا يوجد في أي مكان في القرآن أن نبي الإسلام قدم عملاً معجزاً في طبيعته دليلاً على صحة نبوته. وقول الكاتب المسلم المعاصر، الفاروقي أن «المسلمين لا يدعون أية معجزات لمحمد. فمن وجهة نظرهم ما يثبت نبوّة محمد هو جمال ورفعة الوحي نفسه، القرآن الكريم، وليس أي خروقات لا تُفسر لقوانين الطبيعة التي تحير العقل البشري».

وحتى بعض أن بعض العلماء المسلمين يجادلون بشأن صحة هذه القصص، وعلى أي حال، فإن نبي الإسلام لم يعمل أي أعمال إعجازية قط بحيث تدعم دعوته أنه نبي، رغم أن أنبياءً آخرين قاموا بذلك وقد تعرض محمد للتحدي (آل عمران 3: 183؛ النساء 4: 153؛ الأنعام 6: 8 ـ 9؛ الإسراء 17: 90 ـ 95). وحتى أحد أبرز العلماء المسلمين، عبد الله يوسف علي، يقر أن نبي الإسلام لم يقم بمعجزات «بمعنى أعمال عكس الطبيعة». وإن هذا الاعتراف يثير عدة أسئلة جدية عن أهلية محمد النبوية.

رابعاً، حتى نبي الإسلام محمد قَبِلَ واقع أن الله صادق على الأنبياء السابقين قبله بمعجزات. ومن المثير للاهتمام، أن أغلب الأنبياء المذكورين في القرآن هم شخصيات كتابية. فمثلاً في سورة الأنعام 6: 84 ـ 86 وبعد قصة إبراهيم، يعلن الله في القرآن:

«وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ. وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ»

 ويشير القرآن إلى تأكيد الله لأهلية موسى النبوية عدة مرات (الأعراف 7: 106 ـ 108، 116 ـ 19). وقد جاء في القرآن: «ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ» (المؤمنون 23: 45). ويشير القرآن إلى قدرة الله المعجزة التي ظهرت خلال أنبياء آخرين (النساء 4: 63 ـ 65). ولكن إن كان نبي الإِسلام محمد يقرّ أن الله قام بمعجزات من خلال هؤلاء الأنبياء الكتابيين، فلماذا لم يقم هو بعمل مثلها؟

خامساً، لقد قبل محمد حقيقة أن يسوع قام بمعجزات كثيرة برهاناً على الأصل الإلهي لرسالته، مثل شفاء الناس وإقامتهم من الموت. والقرآن يقول: «يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ... وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي» (المائدة 5: 110). وكان بوسع يسوع أن يقوم بأعمال معجزة للطبيعة لتأكيد رسالته الإلهية، بينما رفض محمد القيام بذلك، وبهذا سيكون صعباً على عموم المسيحيين الاعتقاد أن محمداً كان أفضل من المسيح.

سادساً، لقد تم تحدي محمد للقيام بمعجزات من أجل البرهنة على صحة دعاويه ولكن رفض فعل ذلك، والقرآن يقرّ أن معارضي محمد قالوا: «أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ» (الأنعام 6: 8 ـ 9). ويقر نبي الإسلام نفسه، أن الكافرين تحدوه ليبرهن لهم على نبوته، ولكنه قال: «وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا. أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا. أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا» (الإسراء 17: 90 ـ 92). ونجد في رد نبي الإسلام محمد أمراً كاشفاً: «هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا» [الإسراء 17: 93]. والمرء لا يقدر أن يتصور أن موسى، أو إيليا، أو يسوع كانوا سيقدمون نفس الجواب. وبالفعل، أقر نبي الإسلام أنه حينما تحدى فرعونُ موسى، فإن موسى رد عليه بمعجزات: «قَالَ [فرعون] إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. فَأَلْقَى [موسى] عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ! وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ» (الأعراف 7: 106 ـ 108). ويتابع القرآن في نفس السورة، الآية (118)، فيقول: «فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ». ومع ذلك، فرغم معرفته بطرق الله لتأكيد رسله، رفض نبي الإسلام محمدٌ الإتيان بمعجزات مشابهة. ولهذا، فلِمَ يجب على أي شخص أن يؤمن أنه جزء من سلك أنبياء الله الكبار؟

وأخيراً، لا يقدم المسلمون تفسيراً مقنعاً لسبب فشل نبي الإسلام في عمل معجزات حقيقية في الطبيعة مثلما عمل يسوع. وإحدى الحجج الإسلامية الشائعة تفيد: «إن طرق الله الراسخة أنه يؤيد النبي بنوع من المعجزات الذي يناسب العصر، بحيث يرى العالم أن ذلك فوق قدرة البشر وأن هذا الأمر يكشف فيه الله عن نفسه»، تضيف هذا الحجة: «إن في عصر موسى كان فن السحر هو الأكثر تطوراً. وبالتالي، فالله أيد موسى بالمعجزات التي أذهلت السحرة، بحيث أن السحرة قبلوا زعامة ونبوة موسى بعد أن رأوا هذه المعجزات». وبالمثل، «في عصر نبي الإسلام، فإن البلاغة والخطابة كانت في أوجها. وبهذا أيّد اللهُ نبي الإسلام بمعجزة القرآن التي فاقت قدرات أعظم شعراء عصره».

يوجد الكثير من المشاكل في هذه الحجة. فأولا، ليس هناك دليل على «إنها طرق الله الراسخة». بل على العكس، فالقرآن يعتبر بنفسه أن الله أعطى مراراً معجزات خارقة للطبيعة من خلال موسى، وأنبياء آخرين، بما فيهم يسوع. فطرق الله الراسخة أن يؤيد الأنبياء من خلال المعجزات.

وعلاوة على ذلك، فإن أكثر سهولة أن تأتي بقطعة جميلة لنص ديني من أن تقوم بعمل خوارق في الطبيعة، والذي يعترف به القرآن نفسه أن الله يقوم به من خلال أنبيائه. وفي الواقع، ثمة قطع أدبية دينية بليغة تحتوي على تعاليم مخالفة لما في القرآن، بما في ذلك سفر إشعياء اليهودي، أو الموعظة على الجبل المسيحية، أو جينا الهندوسية. وكل هذه الكتب تعلم أموراً متعارضة مع القرآن.

بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم رغبة نبي الإسلام محمد (والتي يظهر أنها عجز) في القيام بمعجزات فوق الطبيعة، وبينما كان يعرف أن الأنبياء الذين كانوا قبله كانوا قادرين وقاموا بالمعجزات يجعل المفكرين على حق في التشكيك في نبوته. ولو فكر شخص غير مسلم بهذه المعطيات، فسوف يسأل: «إن كان الله قد أيد الأنبياء الآخرين بمثل هذه الأشياء، فإذا لماذا يقم محمد بنفس الأمر ليزيل الشك من حوله؟». وبكلمات نبي الإسلام نفسه (في القرآن): «وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ» (الأنعام 6: 37).

كما أن نبي الإسلام لم يقدم إجابة إلى نقاده بالقول إن من طرق الله الراسخة أن يؤيد الأنبياء بطرق مختلفة وفي عصور مختلفة حسب عقلية أوقاتهم. بل قدم ببساطة آياته الخاصة (القرآن)، وقال إن الكفر هو رفضهم، وليس عدم قدرته على القيام بالمعجزات، فقال: «وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِيَنَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ» (البقرة 2: 118. قارن: آل عمران 3: 183؛ الإسراء 17: 90 ـ 93). وكما ظهر أعلاه، فلا يمكن أن يعتبر المرء الزعم بوجود البلاغة الأدبية للقرآن معجزةً بحال من الأحوال.

أخيراً، حتى لو كان ثمة أحداث مزعومة خارقة متصلة بحياة نبي الإسلام محمد (رغم أنها ليست معجزة من طبيعة المعجزات التي هو اعترف هو بها بشأن موسى أو يسوع)، فيمكن أن تفسر بأسباب طبيعة. مثلاً، إن ما يقوله المسلمون عن الانتصار المذهل في معركة بدر سنة 624 م على أنه ذو دلالة خارقة على التأييد الإلهي لصالح نبي الإسلام. ولكن بالضبط بعد سنة من بدر، تعرض أتباع محمد لهزيمة مُذلة[195]. ومع ذلك لم يعتبر أي شخص هذه الهزيمة دلالة على رفض إلهي.

فكرة أخيرة حول المعجزات والأديان غير المسيحية

لا شيء مما قيل إلى الآن يجب أن يؤخذ على أن إله كل البشر الذي يحب كل الناس من كل الأديان لا يقدر أو لا يريد أن يعمل بينهم أحياناً معجزات، فمن لُطْف الله أنه يقود الناس إِلَى التَّوْبَةِ (رومية 2: 4). ويجادل سي. إس لويس، «وأني لست بحال من الأحوال ملتزماً بتأكيد أن الله لم يعمل المعجزات بين الوثنيين ولأجلهم أو لم يسمح قط للكائنات الخارقة بفعل ذلك... ولكن أجد أن المعجزات المسيحية لها أرجحية جوهرية بفضل رابطها العضوي مع بعضها البعض ومع كامل المنظومة الدينية التي تظهرها».

علاوة على ذلك، فالمعجزات في تلك الأديان ليست لها قيمة دفاعية في تأسيس صدق الدين الذي ينتمي المرء إليه. وهي أعمال منفصلة لله، غير متصلة بصدق الدعوى للديانة غير المسيحية وليست مدعومة بأحداث متعددة وتنبؤية، مثل ما في المسيحية.

لنعد على الأسماع كامل المسألة

من بين كل الأديان الكبرى، فالمسيحية وحدها هي التي تلبي الشروط الضرورية التي تجعل المعجزات تؤكد صدق ما تعلنه. أولاً، المسيح هو الرئيس الديني الأعظم الذي لدينا حول حياته وتعاليمه وثائق معاصرة موثوقة. ثانياً، هو الوحيد من بين كل القادة الدينيين الذي أعلن أنه الله. ثالثاً، المسيح وحده فحسب الذي يحقق معايير استعمال المعجزة تأكيداً لما يقوله. وهذه المعايير تتضمن فعلاً الأحداث الفائقة للطبيعة، والمتعددة، والتنبؤية المرتبطة بالحق الذي يعلنه. وإضافة إلى العهد القديم اليهودي، الذي يشير إلى المسيح، فمعجزات المسيح وحدها فحسب تلبي كل هذه المقاييس. والمسيح فقط الذي أعلن أنه أكثر من نبي. وبهذا، فالمسيح من كل الرؤساء الدينيين الكبار أعلن أنه الله (انظر الفصل 7). وهو الوحيد من تم البرهنة عليه أنه الله (انظر الفصل 7) بالتقاء ثلاث مجموعات من الأحداث الفريدة التي تؤكد قوله. وبهذا، وخلافاً لهيوم والريبيين، ليس ثمة من تساو حقيقي في أي نظرة دينية منافسة لما عند المسيح. وبالتالي، فالمسيح، والمسيح وحده هو الذي تبرهن على أنه الله القدير في جسد بشري! وباختصار، فإن الدعوى المركزية في المسيحية هي حق، والدعوات الأخرى زائفة.

المسائل الاثني عشر

ü     لا يخطأ البشر دائماً

ü     يسوع أيضاً هو الله الذي لا يمكن أن يخطأ

·        ماذا بشأن التنازل الإلهي؟

ü     الخلط بين التأقلم والتنازل

ü     التنازل متعارض مع الواقع

 

1.     الحقيقة حول الواقع قابلة للمعرفة

2.     لا يمكن أن يكون كلا النقيضين صادقين

3.     الله الواحد موجود

4.     المعجزات ممكنة

5.     يمكن أن تأتي المعجزات لتأكيد رسالة من الله

6.     العهد الجديد نص موثوق

7.     أعلن يسوع المسيح في العهد الجديد أنه الله

8.     إعلان يسوع أنه الله تأكد بمجموعة فريدة من المعجزات

9.     وبهذا، فيسوع هو الله الظاهر بالجسد

10. كل ما أكّده يسوع (الذي هو الله) أنه الحق، فهو حق

11. يسوع أكّد أن الكتاب المقدس كلمة الله

12. إذاً، الحق أن الكتاب المقدس كلمة الله، ومزيف وكل ما يعارض هذا الحق الكتابي

 

ملخص الفصل

إن كان يسوع هو الله (الفصل 8)، فأي شيء يؤكده يسوع (الذي هو الله) فهو حق، وصادق فعلاً، وبالتالي، أي شيء يعلمه يسوع، سواءً كإله أو كإنسان، يجب أن يكون حقاً بشكل قاطع. وهذا هو الحال، والآن نستطيع أن نسأل ماذا علّم يسوع عن الكتاب المقدس. فإلى هذه النقطة، نحن كنا نركز على العهد الجديد بوصفه مصدراً موثوقاً تاريخياً (اعتماداً على دليل متين) لما قاله يسوع ولما فعل. وإذا كان كذلك، فالعهد الجديد يخبرنا أنه شُهد ليسوع أنه كان الله في جسد بشري. وأي تفكير بخصوص حدود معرفته أو تكيفات تعاليمه، أو ربما كان يسوع على خطأ يتعارض مع شخصه وحقائق الواقع. وليست المسألة مسألة تكيّف بل مسألة التأكيد الإلهي. والآن إذ كنا نعرف من هو، وأن كلماته ليست خاطئة، فبوسعنا الآن أن نسأل ماذا علم عن الكتاب المقدس (الفصل 11).

 

موجز الفصل: كل ما أكّده يسوع (الذي هو الله) أنه الحق، فهو حق

·        مراجعة الدليل

·        ماذا بشأن قيود يسوع البشرية؟

 
  • عدد الزيارات: 543