Skip to main content

في نبوات أشعياء وإتمامها والتعليق عليها - مسحة المسيح للكرازة والفداء

الصفحة 16 من 16: مسحة المسيح للكرازة والفداء

مسحة المسيح للكرازة والفداء

النبوة: "روح السيد الرب عليّ لأن الرب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأعصب منكسري القلب لأنادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق. لأنادي بسنة مقبولة للرب وبيوم انتقام لإلهنا لأعزي كل النائحين. لأجعل لنائحي صهيون لأعطيهم جمالاً عوضاً عن الرماد ودهن فرح عوضاً عن النوح ورداء تسبيح عوضاً عن الروح اليائسة فيدعون أشجار البر غرس الرب للتمجيد” (أشعياء 61: 1- 3).

الإتمام: "ورجع يسوع بقوة الروح إلى الجليل... وجاء إلى الناصرة حيث كان قد تربى. ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ. فدفع إليه سفر أشعياء النبي. ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوباً فيه روح الرب عليّ لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية وأكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه إلى الخادم وجلس... فابتدأ يقول لهم أنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم. وكان الجميع... يتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه" (لوقا 4: 14- 22).

التعليق: فسّر المسيح هذه النبوة وأخبرنا أنها تمت فيه في مجمع الناصرة. فهو لم بتعرض للقراءة في مجمع اليهود إلا في اليوم الذي كان معيناً لقراءة هذه النبوة. وبعد أن قرأها قال لهم "اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم" وكانت كلمات النعمة في تفسيره سبباً عظيماً في شهادة الجميع له وتعجبهم مما سمعوه. وكما نادى أشعياء بتحرير اليهود من أسر البابليين قبل حدوثه، هكذا نادى المسيح المظهر الإلهي الأعظم بسنة يوبيل مقبولة للرب في كل العالم المحكوم عليه بالهلاك. وامامنا من الإيضاحات ما يأتي:

تخصيص المسيح:

إن تخصيص المسيح لهذا العمل واضح من أول أعداد هذه النبوة: "روح السيد الرب عليّ". فقد كان الروح القدس يعلم الأنبياء ما يقولون أحياناً، وأما المسيح فكان الروح حالاً عليه دائماً. وقد رأينا في أشعياء ص 11 أن هذا الروح هو روح المشورة والقوة، ورأينا في متى 3: 16 أن هذا الروح نزل على المسيح يوم عماده واستقر عليه أمام الناس. وأن هذا هو ذات الروح الذي أعطاه المسيح لتلاميذه حينما أرسلهم للكرازة.

تعيين المسيح:

تعيين المسيح ظاهر من قوله: “لأنه مسحني" لأن مسحته أزلية ولكنها أعلنت لعمل الفداء (كما نرى في أمثال 8: 22- 30). وهذا الأمر لم يكن مكشوفاً عند الناس إلا بعد أن أعلنته النبوات وبعد أن أعلن إتمامه الإنجيل. فالمسيح له المجد مسح بالروح القدس على ملأ من الذين تجمهروا على شاطىء الأردن ليعتمدوا من يوحنا المعمدان وسمعوا النداء من السماء "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت” (متى 3: 17). فهو مسح وأفرز لوظيفته الفدائية الخاصة ولهذا لقب بهذا اللقب دون غيره "المسيح" بأل العهدية لأنه مسح بزيت الابتهاج (مز 45: 6و7) ولما اتضح هذا للنبي قال "لأنه أرسلني" إعلاناً أنه عامل مشيئة الآب دائماً.

عمل المسيح:

عمل المسيح هو 1-  أنه يكون مبشراً ببشارة الخلاص للساقطين المساكين بالروح 2-  أنه يكون شافياً لكونه جاء ليعصب منكسري القلوب من ثقل الخطايا وليعزيهم بصوته الحنون "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين" (متى 11: 28) لأنه الفادي 3- أنه يكون منقذاً ولذلك أرسل كنبي للبشارة والكرازة، وككاهن للشفاء، وكملك للإنقاذ. ولكنه ينقذ اللاجئين إليه على نوعين:

النوع الأول: إعلانه السلام لأحبائه ولأنه ينادي للمسبيين بالعتق لأنه ابن الله ويعمل بروح الله. وهذا النوع هو الذي قال عنه المسيح "سنة الرب المقبولة" لإبراء الناس من خطاياهم "وتعرفون الحق والحق يحرركم".

النوع الثاني: هو أن الذين ينقذهم المسيح من سبي الخطية ينقذهم من ناموس الطبيعة القائل: "احفظ نفسك" ويحول قلوبهم وأفكارهم إلى ناموس النعمة القائل "ابذل نفسك" ويفرض عليهم العمل لأجل الآخرين. ولقد حذرتنا هذه النبوة من التهاون بأوامر المسيح لئلا يصيبنا الانتقام في اليوم الأخير لأنه سينادي بيوم انتقام لإلهنا ضد الرافضين الذين لا يؤمنون (متى 24: 29- 41).

[1] - انظر الباب التاسع في معنى النبوة.

[2] - انظر الباب التاسع الفصل الأول حيث تكلمنا عن مقام الابن واثبتنا بالأدلة الظاهرة أن ابن الله هو الله تأييداً وإعلاناً للاهوت المسيح.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 71116