الدرس الثامن والعشرون الموسيقى الدينية والفن
الترنيم الديني قديم وقد مارسه العبرانيون في دور العبادة . وفي زمن  ملوكهم استقدموا الموسيقيين والمغنين بكثرة إلى أورشليم لكي يعلموا خدام الهيكل العزف والغناء. وتشكلت الفرق الموسيقية العبرانية في زمن الملكين داود وسليمان . والصورة التي ترسمها التوراة عن استقبال داود بالدفوف والصنوج بعد رجوعه من مصارعة جليات الجبار تدل على مدى انتشار الموسيقى عند ذاك.
وكان العبرانيون ينفخون بالأبواق في الاحتفالات الدينية. وفي التوراة اناشيد عديدة أشهرها المزامير. وعندما انتشرت المسيحية شاعت نغمة الفرح لذلك كانت معظم الترانيم المسيحية الاولى مقرونة بالفرح والحبور. فقد كانوا يترنمون لميلاد المسيح وقيامته . وفي القرن الرابع نجد أن بعضاً من هذه الترانيم قد دخلت الى صلب العبادة ، وكانت معظمها تتسم بطابع الفرح والتسبيح .
أما آلات الطرب فلم يحبّذها المسيحيون في العصور الاولى اذ كانوا منصرفين الى تنظيم الدعوة المسيحية ووضع شعائرها. وفي هذه الفترة نجد الترانيم يأخذ مكانة مرموقة. وغدت القسطنطينية وأورشليم وبعض الاديرة مراكز هامة لاخراج الترانيم الدينية على النسق البيزنطي.
أما الاديرة والكنائس في الغرب فظلّت تمارس الترنيم كقسم من العبادة وكان ذلك باللغة اللاتينية إلى أن ظهر مارتن لوثر فأنعش فن الترانيم بنظمه العدد الوفير من الترانيم التي أخذ الشعب يترنم بها بلغته الخاصة . ويمكن القول بأن لوثر ، و من بعده شارلز وسلي، هما اللذان أحيا فن الترنيم في الكنائس الانجيلية . وقام لوثر بوضع أول كتاب للترتيل في الكنائس الإنجيلية ، وهو يحوي ۳۷ ترنيمة كانت أولها ترنيمته الشهيرة " الله ملجأ لنا ".
وكان لهذه التراتيل أثر كبير بين الإنجيليين إذ أخذ أفراد الشعب يشتركون في الترتيل والتسبيح . ونظم الأخوان تشارلز جون وسلي ما يقرب من ستة آلاف ترنيمة . وقد غنيت الكنيسة بتقدمات هؤلاء الناظمين الذين تركوا هذه الثروة ميراثاً خالداً للأجيال اللاحقة . وظهر فيما بعد الموسيقيون اللامعون أمثال باخ وهاندل وغيرهم الذين رفعوا اسم الموسيقى الدينية عالياً.
والدين من المصادر الرئيسية للاحساس الفني، كما أن الفن وسيلة أساسية من وسائل التعبير عن التفكير الديني. وفي جميع أرجاء العالم ابتدع الفنانون اكثر الإنتاج الفني قوة وحمالاً بوحي من الإحساس الديني . فالترانيم والصور والتماثيل والموسيقى وغيرها من ضروب الفن إنما عبرت عما اختلج في قلوب الناس من حس فني، وعاطفة مرهفة ، ونزوع تصوفي. واشتهرت المسيحية بكنوزها وروائعها الفنية التي تركها عباقرة الفن على مدى الأجيال . وفي الفاتيكان اعظم مجموعة للرسوم الدينية التي أبدعتها ريشة العباقرة مثل رفائيل ، وليوناردو دافنشي، و ميخائيل انجلو وغيرهم من رجال الفن اللامعين . واشتهر عصر النهضة بإيطاليا باحياء الفنون و بظهور نخبة مختارة من الفنانين.
والفن وسيلة لتهذيب النفس فالله يرسل شعاعاً فياضاً من نوره على الكون.
والكون هو نفوسنا فمن أصابه قبس من ذلك الشعاع العلوي استضاءت نفسه
وشعر بلذة وجمال الفضيلة ، ومن حادت عنه عاشت نفسه في ظلمة المادة وعلى هامش الحياة . ويعمل الفن في تهذيب النفس البشرية والبعد بها عن مزالق الشر ، والارتقاء بها الى جو يعبق بالفضيلة والخير والصلاح ، لأن غاية الفن سواء أكان يتخذ شكل الموسيقى أم الغناء ام النحت ام الرسم هو الارتفاع بالروح إلى المقام الأسمى حيث تتجلى روح الله المتعالية.
اسئلة
(١) اذكر شيئاً عن الترنيم عند العبرانيين و المسيحيين الأولين. 
(۲) من عمل على إحياء فن الترتيل في الكنائس الانجيلية ؟
(۳) في أي عصر كان ازدهار الفن الديني في أوروبا ؟
(٤) اذكر أسماء بعض مشاهير الرسامين والفنانين الذين خدموا الدين بفنهم .
(ه) ما علاقة الفن بالدين ، وكيف نستطيع ان نستفيد من الفن لخدمة الدين ؟
- عدد الزيارات: 15