لمسة من الأبدية الحياة الثابتة
" من سيرة حياة أندرو موري "
" أنا الكرمة الحقيقية وانتم الاغصان . الذي يثبت في وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير . لانكم بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئاً " .( يوحنا ٥:١٥) . هذا الدرس العظيم لقّنه المخلص لتلاميذه ( ولنا نحن بعدهم ) في اللحظات الأخيرة بعد العشاء الاخير .
ومنذ إعلان هذا الحق الهام ، بدأ أتباع الرب يسوع المخلصون يختبرون عظمة حقيقته . وأحد هؤلاء كان أندرو موري الأفريقي .
لمئة سنة خلت تقريباً كان موري معروفاً بين رجال الله الذين نشدوا حياة الثبات ، التي أصبحت حقيقة لكثيرين من خلال عظاته وكتاباته. في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهر في أفق الحياة الروحية موري كرجل الصلاة، والمبشر بكلمة الله الفاعلة ، والقائد لمؤتمرات الكتاب المقدس، والمؤلف الغزير الإنتاج في حقل المطبوعات الروحية. ومع انه انقضى حوالي قرن على انتقاله لاتزال مؤلفاته تلقى رواجاً سريعاً لانها تسد حاجة أولاد الله.
والى جانب الهدوء والتأثير العميق اشتهر بميزته الخاصة أنه كان يطلب أن يعرف بمسيحيته كأحد اتباع الرب يسوع ، وهكذا كان يبحث متفحصاً في الذي يقابله عن العنصر المسيحي الحقيقي .
كتب أحدهم عنه : أن نظراته الحادقة الحنونة تتأمل وجه من يقابله بحثاً عن حياة المسيح والولاء له.
وليس هناك مفر بأنه يريد جعل الناس اتباع وخاصة الرب يسوع .
وقراء الكتب الروحية يعرفون موري من خلال كتبه التكريسية (واخصها كتاب: اثبتوا في المسيح Abide In Christ
انه متأمل عميق مؤخذ بجو الصلاة اينما حل ، بحيث تشعر عندما تراه انه داخل السحابة على جبل حوريب : وتظهر بشكل واضح أثناء الوعظ أو الخدمة حيث يتقد بحرارة الروح بشكل يصعب على الانسان الاعتيادي ان يستمر هكذا ، وكثيراً ما يدهش مستمعيه بقوة واهتمام يخرجان منه مثل الطاقة الكهربائية ، أيا كان الحضور، جمعاً غفيراً، أم اناسًا قلائل.
يحمل طاقة بركانية في جسمه تنفجر لتجرف كل ما في طريقها . فتظهر تأثيرات قلبه و انفعالات افكاره عندما يتكلم ، وتخرج الكلمات من فمه وكأنها الحديد المنصهر في الأفران أو الريح القوية العاصفة التي تنحني لها الأشجار العاتية، وهكذا تنحني قلوب سامعيه كأنه احد انبياء العهد القديم بحماسه وغيرته مع البساطة وشدة التأثير .
ويمثل موري الحياة الممتلئة بالروح القدس ، بعيداً عن أي مظهر خارجي منظور ، قال : كنت أشدد عليكم بضرورة الاختبارين في الحياة المسيحية والخطوة بين الواحد والآخر؛ في العشر سنوات الاولى من حياتي الروحية كنت أخدم بكل نشاط وحماس وفرح . ولكن مع كل هذا لم يكن قلبي مكتفياً ولا مطمئناً. ما السبب ؟
لم اكن اعلم ان الطاعة ممكنة !! ولا انسى تلك الساعة المجيدة حين حلَّ فيَّ فرح غفران الله وذلك اليوم حين كنت اجلس وافكر في غرفتي الصغيرة بما حصل .
ها أنا عالم بأن دم المسيح قد برَّرني امام الله ولكن مع ذلك لم تكن لي القوة للخدمة بل افكاري ، كلماتي ، اعمالي وعدم اخلاصي - كلها كانت تزعجني . ومع ان الجميع حولي كانوا يظنون انني مملوء غيرة وحماساً ، لكن في الواقع كانت حياة لم تختبر العمق الروحي . فجاهدت وصليت بحرارة .
ويتابع موري قوله : كنت اتحدث يوماً مع احد المرسلين واظن انه لم يعرف الكثير عن قوة التقديس ، لكنه قال لي ان الله عندما يضع في قلوبنا رغبة ما، يسهر عليها لإتمامها . ففكرت في كلامه كثيراً واود ان اقول لكم يا من تغوصون في بالوعة اليأس والشك، أن الرغبة التي يضعها الله في قلوبنا ينفذها هو بنفسه .
عشت بعد ذلك مدة سبع أو ثماني سنين، أسأل فآخذ ، اطلب فأجد ، واحصل على كل شيء حتى كانت حملة وذلك اليوم حين القداسة عام ١٨٧٠ ، وما كتب عنها يومئذ في المجلات الدينية لمس قلبي بتأثير عميق فكنت في شركة روحية مع ما حصل في اوكسفورد وبريتون.
واذا تكلمت عن التكريس يمكنني أن أخبركم عن ليلة معينة كنت في مكتبي في
" كايب تاون " .ولكني لا احسبها ليلة خلاص لاني بقيت في حالة الجهاد. بعد مدة أدركت معنى الامتلاء بالروح القدس فسلمت نفسي لله تسليما كاملا حتى يملأني بالروح ، انما بقي فيَّ بعض التقصير وشعرت انني لا استطيع الحصول على كل ما اريد . وفي وسط هذه الحالة قادني الرب دون ان اشعر باي اختبار خاص يمكنني ان اشير اليه، إنما اليوم عندما انظر الى الماضي اؤمن انه كان يسكب عليَّ من روحه اكثر فأكثر.
- عدد الزيارات: 11