الله الروح القدس
نؤمن بأن الروح القدس هو أقنوم إلهي مساو للآب والابن في الجوهر واللاهوت والمجد، له كل الصفات الإلهية، فهو سرمدي، كلي القدرة والحكمة والمعرفة والقداسة، وله كل الأعمال الإلهية كالخلق والإحياء. وهو الذي أوحى إلى رجال الله القديسين بكتابة أسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وهو الذي تكلم بفم الأنبياء القديسين منذ الدهر.
والروح القدس ليس قوة أو تأثيراً بل هو أقنوم إلهي كامل الأقنومية يعرف، ويريد ويحب، ويشعر، ويحزن، ويسمع، ويتكلم، ويشهد، ويرشد، ويعين، ويشفع، ويعزى، ويبكت وغير ذلك مما ورد عنه في الكتاب المقدس.
وبما أنه أقنوم متميز عن الآب والابن (مع اتحادهم الكامل معاً) فله أعمال تختص به في العهدين القديم والجديد فهو الذي كان يحل على رجال الله قديماً ويملؤهم بالحكمة والقوة لأداء أعمال معينة ، ومن هؤلاء الرجال يوسف ودانيال لتفسير الأحلام، وبصلئيل لعمل خيمة الاجتماع، والقضاة للحكم والإنقاذ مثل جدعون وشمشون، والأنبياء للنطق برسائل من الله.
وإليه ينسب تكوين الناسوت الطاهر القدوس لربنا يسوع المسيح، وبه كان ينمو ويتقوى، وبه مسح للخدمة الجهارية، وعليه استقر بهيئة جسمية مثل حمامة، وبه كان يعمل الآيات والمعجزات ويخرج الشياطين.
وفي يوم الخمسين حضر إلى العالم حضوراً شخصياً ويمكث مع المؤمنين إلى الأبد ويسكن فيهم بصفة دائمة لا بصفة وقتية كما في العهد القديم، وذلك تتميماً لوعد الرب لتلاميذه قبل موته على الصليب وأيضاً بعد قيامته وقبل صعوده. وهو في العالم ليبكته على خطية وعلى بر وعلى دينونة، ويشهد للمسيح.
وهو العامل في إحياء الخاطىء الذي يؤمن وولادته ولادة ثانية بالكلمة. وبه يُختم المؤمن ليوم الفداء، ففيه يسكن متخذاً جسد المؤمن هيكلاً له وصائراً فيه عربون الميراث، وهو الذي يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله ويصرخ في قلوبنا "يا أبَّا الآب"، وهو الذي يُحرر المؤمن من سلطة الخطية ويُنتج فيه ثمر البر، وهو الذي يقوده ويرشده في سلوكه وفي الصلاة الفردية وفي السجود والعبادة مع المؤمنين وهو الذي يُوجه خادم الإنجيل في خدمته، ولا يسكن الروح القدس في المؤمن كفرد فقط بل يُكون من المؤمنين معاً جسداً للمسيح ومسكناً وهيكلاً لله. وبه بدأ تكوين الكنيسة منذ يوم الخمسين وهذه هي معمودية الروح القدس لجميع المؤمنين كأعضاء في جسد المسيح "لأننا جميعاً بروح واحد أيضاً اعتمدنا إلى جسد واحد" (1 كو12: 13) وهو الذي يبني الكنيسة بالمواهب الروحية "قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء" وهو الذي يُوجه المؤمنين في السجود والعبادة في اجتماعهم معاً باسم الرب. ومن واجب المؤمن أن يمتلئ بالروح القدس وعلامة ذلك فيضان القلب بالفرح والتسبيح (أف 5: 18-19) وليس التكلم بألسنة كما سيأتي الكلام عن ذلك.
ومن واجب المؤمن أيضاً ألا يُحزن الروح القدس. وأن لا يُطفىء عمله في داخله أو في الآخرين بتسرعه حسب الجسد.
- عدد الزيارات: 4889