الدرس الخامس والثلاثون جورج واشنطون کارفر
جورج كارفر عالم زنجي استطاع بنبوغه وخدمته العلمية أن يرفع اسم العبيد عالياً . ولا عجب فالعبقرية لا تفرق بين الأجناس والعروق لأنها ملك للجميع . وحياة هذا الرجل مملوءة بالوان الغرابة . فقد حدث في احدى الاشتباكات بين سكان الشمال والجنوب في الولايات المتحدة أن خطفت فرقة من الجنود امرأة زنجية مع ولدها كانت تعيش في مزرعة كارفر الكائنة في احدى المقاطعات الجنوبية . وهب صاحب المزرعة لاستعادة الولد وامه . ودفع مبلغاً من المال كضريبة لاسترجاع الفتى – وقدر لهذا الفتى أن يلعب دوراً مهماً على مسرح الحياة في العالم الجديد ، وأن يبرز في الحقل العلمي والخدمة العامة . فقد لمع هذا الزنجي في علوم النبات والزراعة ، واشتهر فوق ذلك بمحبته وتواضعه و إيمانه .
ترعرع هذا الفتى الزنجي في مزرعة ولي نعمته ، ولما كانت الأمانة أبرز صفاته سمّوه جورج واشنطن بالنسبة الى الرئيس الأميركي الأول ، ثم ألحقوا به اسم كارفر نسبة إلى صاحب المزرعة الذي غدا ولي نعمته . ومنذ حداثته والفتى يجب الطبيعة ويهيم بها . فكنت تراه يتردد الى الغابات ، ويصادق الحيوانات والطيور ويتعرف على الازهار والنباتات. وكثيراً ما كان يأتي ببعض النباتات
من الحقول والغابات ويزرعها في حديقة الدار ، ويقيها من الحشرات ويعالجها من الأمراض .
وكان الفتى تواقاً إلى تحصيل العلم ، وعندما وصل مرحلة الدراسة الجامعية وجد أبوابها في الولايات الجنوبية موصدة في وجه العبيد . واخيراً بمساعدة احد الأصدقاء تمكن من دخول كلية سمبسون ، فظل يدرس فيها حتى عام ١٨٩٦ حيث نال شهادة أستاذ للعلوم منها . وانيط به الإشراف على المختبر البكتريولوجي ، وهذا فخر كبير يحظى به أحد الزنوج امثاله . وأخذ يعلم أهل الجنوب أصول الزراعة . وكي يبتعد عن دائرة النظريات أسس بعض المزارع النموذجية لاطلاع عامة الشعب عليها .
واشتهر جورج كارفر بخدمته للمجتمع حتى منحته الحكومة الاميركية عام ١٩٣٩ وسام الرئيس روزفلت . وتبرع الثري الكبير فورد فبنى مدرسة لتعليم أبناء العبيد سماها مدرسة جورج واشنطن كارفر لتخليد اسمه . وزاره ذات يوم احد اصدقائه في مختبره وقال له : " اشعر انه اذا برح جسمك قاعة المختبر فان روحك باقية فيه فإذا ما حاول أحد أن يسكب الحوامض في أنبوب الاختبار يشعر بأن يدك تسنده و ان روحك بجانبه" .
وكان جورج شاعراً مرهف الاحساس ، وقد حمل في قلبه الكبير مفاتيح المحبة للطبيعة . وقد عرف عنه أنه يفهم لغة الأزهار وعندما سئل عن ذلك أجاب : "عندما ألمس الزهرة بيدي المس فيها ايضاً اللانهائية . وقد وجدت الزهور على وجه الأرض قبل وجود كائنات بشرية . والزهور نوافذ تستطيع التطلع منها الى العالم غير المحدود حيث نرى وجه الله فيها . وكان يواظب على الصلاة ويجد فيها سبيلا للاتصال بالملأ الأعلى .
وظل يجاهد ويخدم حتى وافته المنية عام ١٩٤٣ وقد بقي اسمه يتردد في الأوساط العلمية كعالم خدم بلاده وخدم الانسانية جمعاء. وجاءت من قبيلة كارفر في مسوري هذه الكلمات التأبينية عند وفاته : " تشرفنا ان نتلقى جثمان جورج كارفر لنضعه بجانب عشيرته. فهنا سيرقد بجانب الجبال التي احبها والوديان التي أولع بها ". وقد أحيا هؤلاء ذكره بأن بنوا سفينة باسمه . وحيثما تذهب هذه الباخرة التي حملت اسمه سوف يعلم الناس أن النفس الإنسانية لا يمكن أن تقهر ، وكرامة العمل في سبيل الخير لن تجد جحوداً ونكراناً .
اسئلة
(۱) ماذا تعرف عن حياة جورج كارفر الأولى ؟
 (۲) كيف ظهرت ميوله للعلم في زمن حداثته ؟ 
(۳) ما هي الصعوبات التي وقفت في وجهه عندما رغب في متابعة عمله ؟
 (٤) ما هي الخدمات التي قدمها هذا العالم لبلاده وللعالم ؟
 (ه) كيف يمكن للعالم أن يكون عالماً ورجل دين في وقت واحد ؟
- عدد الزيارات: 8